ماذا حدث؟
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فور توليه منصبه في يناير 2025، أمراً تنفيذياً بتعليق برنامج إعادة توطين اللاجئين الأفغان، تاركاً حوالي 200,000 أفغاني، منهم 110,000 في أفغانستان و90,000 في دول ثالثة، في حالة من الضياع القانوني بعد اجتيازهم تدقيقاً أمنياً صارماً.
وفي 11 أبريل، أعلنت وزارة الأمن الداخلي إنهاء “الوضع المحمي المؤقت” (TPS) لأكثر من 9,000 أفغاني بحلول 20 مايو، بدعوى أن الظروف في أفغانستان لم تعد تستدعي هذه الحماية.
هؤلاء، إلى جانب عشرات الآلاف ممن ساعدوا القوات الأمريكية خلال الحرب ضد طالبان، يواجهون الآن شبح الترحيل إلى بلد يعاني من أزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بـ”الشديدة”.
يأتي هذا القرار بعد انسحاب الجيش الأمريكي الفوضوي من أفغانستان عام 2021، الذي ترك وراءه معدات عسكرية بمليارات الدولارات وآلاف الأفغان الذين تعاونوا مع الولايات المتحدة، عرضةً لانتقام طالبان.
لماذا هذا مهم؟
يُعد قرار ترامب بمثابة خيانة لتعهدات أمريكية متكررة بحماية حلفائها الأفغان، الذين خاطروا بحياتهم كمترجمين وموظفين في منظمات ممولة أمريكياً، ويعيش الكثير منهم مختبئين خوفاً من اضطهاد طالبان، التي لا تزال تُصنّف المتعاونين مع الأمريكيين “خونة”.
تُفاقم هذه السياسة محنة النساء والفتيات الأفغانيات، اللواتي يواجهن قيوداً مشددة على التعليم والعمل والتنقل في ظل حكم طالبان.
من منظور إدارة ترامب، يُبرر القرار بمخاوف أمنية، إذ أشار تقرير للمفتش العام عام 2022 إلى ثغرات في تدقيق أكثر من 79,000 أفغاني وصلوا عبر عمليتي “ملجأ الحلفاء” و”ترحيب الحلفاء”، مع ادعاءات بتحديد 1,400 فرد لهم صلات محتملة بتنظيم داعش-خراسان.
لكن رعاة اللاجئين يرفضون هذه الرواية، مؤكدين أن الأوضاع في أفغانستان، حيث يحتاج نصف السكان إلى مساعدات عاجلة، تجعل الترحيل تهديداً لحياة هؤلاء.
ماذا بعد؟
القرار يُثير تساؤلات حول التزام الولايات المتحدة بوعودها العالمية، مما قد يُضعف ثقة الحلفاء المستقبليين.
ومع اقتراب موعد الترحيل، يواجه الأفغان المستهدفون خيارات محدودة: الرحيل الطوعي أو مواجهة الملاحقة القانونية.
في باكستان، التي تستضيف حوالي 50,000 أفغاني بانتظار التوطين، تُضاعف السلطات الضغوط للترحيل منذ نوفمبر 2023، مُفاقمةً محنة هؤلاء.
قد تُفضي السياسة الأمريكية إلى تعاون محدود مع طالبان، التي قد ترى في إعادة اللاجئين فرصة لكسب اعتراف سياسي أو مساعدات اقتصادية من واشنطن، لكن هذا التعاون يُثير مخاوف من تعزيز قبضة طالبان.
على الصعيد الداخلي، تواجه إدارة ترامب انتقادات من قدامى المحاربين والمنظمات الإنسانية، مع دعوات لإعادة النظر في القرار أو استثناء الحلفاء الأفغان.
دون تدخل عاجل، قد تُشعل هذه السياسة أزمة إنسانية جديدة، تاركةً آلاف الأفغان عرضةً للاضطهاد، وتُلطخ سمعة الولايات المتحدة كحليف موثوق.