لم تعد هناك أسرار.. كيف تم تسريب المعلومات في عهدي ترامب وبايدن؟

ترامب وبايدن

ماذا حدث؟

في واقعة جديدة أثارت القلق بشأن أمن المعلومات داخل المؤسسات الفيدرالية الأميركية، كشفت صحيفة واشنطن بوست عن تحميل مستندات تحتوي على معلومات حساسة إلى مجلد على منصة Google Drive، تمت مشاركته عن طريق الخطأ مع آلاف الموظفين داخل إدارة الخدمات العامة الأمريكية.

المثير في الأمر أن هذا الخلل لم يكن حادثًا عرضيًا منفردًا، بل تكرّر خلال عهدي الرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن، مما يشير إلى نمط من الإهمال المؤسسي في التعامل مع الوثائق ذات الطبيعة الخاصة.

وبحسب مصادر مطلعة نقلًا عن وكالة أكسيوس، فإن الحادثة الأحدث وقعت قبل ثلاثة أسابيع فقط، رغم أن عملية التدقيق الجارية بدأت منذ عام 2021، أي في وقت مبكر من ولاية بايدن.

الوثائق التي تم تحميلها تضمنت “مخططات طوابق البيت الأبيض”، و”تفاصيل تصميم باب مقترح لمركز زوار”، إضافة إلى “معلومات حساب مصرفي لبائع مشارك في إحدى الجلسات الإدارية”.

ورغم تأكيد المتحدث باسم إدارة الخدمات العامة، جيف وايت، أن الوثائق لا تحتوي على معلومات “سرية” بالمعنى الرسمي، فإن تسعة من أصل خمسة عشر ملفًا في المجلد صُنِّفت بأنها “معلومات غير سرية خاضعة للرقابة”، وهو تصنيف يُمنح عادةً للبيانات الحساسة التي يجب حمايتها رغم أنها لا تندرج تحت بند السرية الرسمية.

لماذا هذا مهم؟

تكمن خطورة هذه الحادثة في دلالاتها المتعددة، فالأمر لا يقتصر فقط على تعريض معلومات مهمة لخطر الوصول غير المصرح به، بل يسلّط الضوء على إشكالية أعمق تتعلق بنُظم الحماية والرقابة داخل المؤسسات الحكومية الأمريكية، حتى تلك المعنية مباشرةً بأمن الدولة.

التسريب الرقمي -سواء كان مقصودًا أم ناتجًا عن الإهمال- لم يعد قضية تقنية فقط، بل أصبح قضية سياسية وأمنية تمسّ الثقة في منظومة الحكم.

ففي عهد ترامب، كانت فضيحة الوثائق السرية في مقر إقامته بمار-أ-لاغو أحد أبرز العناوين السياسية، وانتهت إلى اتهامات جنائية أُسقطت لاحقًا لأسباب إجرائية.

وفي المقابل، لم يسلم بايدن من الجدل، حيث وجدت تحقيقات سابقة أن وثائق مصنّفة كـ”سرية” كانت محفوظة في منزله بولاية ديلاوير.

ورغم عدم توجيه اتهامات رسمية، فإن الحادثة الحالية تعيد طرح الأسئلة حول كفاءة إدارة الوثائق والمعلومات الحساسة في عهده.

الأدهى أن هذه الثغرات تحدث في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة تحديات سيبرانية متزايدة، وتهديدات من خصوم دوليين قد يستغلون أي خطأ بشري أو خلل فني لاختراق المنظومة الأمنية.

ماذا بعد؟

على الرغم من تطمينات المتحدث باسم إدارة الخدمات العامة بأن التدقيق الجاري لم يكشف عن وجود معلومات سرية ضمن المستندات المسرّبة، إلا أن الخطر لم يُحتوَ بعد، فالتقرير ذاته أشار إلى أن الوصول إلى المجلدات كان متاحًا لآلاف الموظفين، وأن آليات الرقابة الرقمية الحالية لم تكن كافية لمنع المشاركة غير المقصودة.

في الوقت الراهن، باشرت الوكالة إجراءات تصحيحية اعتبارًا من 15 أبريل لتقييد الوصول، كما تم تعزيز فحوصات الأمان الرقمي، ولكن السؤال الأهم يبقى: إلى أي مدى يمكن الوثوق بأن تسريبات كهذه لم تحدث سابقًا دون علم الجهات المعنية؟

مع تجاهل البيت الأبيض ورفضه التعليق على هذه المعلومات، يبقى الغموض سيد الموقف، بينما تُطرح تساؤلات ملحّة حول الحاجة إلى إصلاح شامل لآليات حفظ وتداول البيانات في المؤسسات الرسمية الأميركية.

إن لم يُعالج هذا الخلل بمنهجية صارمة، فإن “اللاسرية” قد تصبح القاعدة الجديدة في أروقة الحكم، وهو ما قد يكلّف الولايات المتحدة أكثر من مجرد إحراج سياسي، بل قد يفتح ثغرات استراتيجية لخصومها حول العالم.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *