ماذا حدث؟
في تصعيد لافت على الساحة الاقتصادية والسياسية العالمية، وجهت الصين تحذيرًا شديد اللهجة للدول التي قد تتعاون مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إجراءات تمس المصالح الصينية.
وجاء هذا التحذير عبر بيان رسمي صادر عن وزارة التجارة الصينية، أكدت فيه بكلمات قاطعة: “الصين تعارض بشدة أي اتفاق يتم على حساب مصالحها، وإذا حدث ذلك، فلن تقبله وسترد بإجراءات مضادة حازمة”.
التحذير الصيني يأتي على خلفية توجه إدارة ترامب لاستخدام مفاوضات الرسوم الجمركية كأداة ضغط على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، لحثهم على تقليص تعاملاتهم مع بكين.
جاء ذلك بعدما رفعت واشنطن الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 145%، فيما ردت الصين بفرض رسوم بلغت 125% على واردات البضائع الأمريكية، وأدرجت شركات أمريكية صغيرة على قوائم الحظر التجاري.
لماذا هذا مهم؟
هذا التطور يسلط الضوء على ما يمكن اعتباره “حربًا تجارية متعددة الجبهات”، لا تقتصر على بكين وواشنطن، بل تمتد إلى دول آسيوية محورية مثل اليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان.
هذه الدول أصبحت في مرمى الضغوط الأمريكية لتأييد سياسات ترامب الاقتصادية، مقابل الإغراء بالمشاركة في مشروع الغاز الطبيعي الضخم في ألاسكا، المعروف باسم “Alaska LNG”، والذي تقدر تكلفته بأكثر من 40 مليار دولار.
ترامب، الذي أعلن المشروع أولوية قومية، يسعى لجذب استثمارات آسيوية فيه، مستخدمًا سلاح التجارة لتقوية موقف الولايات المتحدة وتحقيق “الهيمنة الطاقية”.
أبدت شركات من اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان اهتمامًا جديًا بالتمويل، بل ووقّعت تايوان مذكرة نوايا لشراء 6 ملايين طن من الغاز.
المشروع يعد مغريًا جغرافيًا، إذ يمكن أن يصل الغاز إلى آسيا في غضون ثمانية أيام فقط دون الحاجة لعبور قناة بنما المزدحمة.
لكن هذا الانخراط الآسيوي لا يمر مرور الكرام من جانب الصين، التي ترى أن هذه الخطوات تصب في خانة “البلطجة الأحادية” الأمريكية، وتُهدد بانهيار نظام التجارة الدولية ليعود إلى “قانون الغاب”، كما ورد في البيان الصيني.
ماذا بعد؟
في ظل هذا التوتر المتصاعد، فإن الدول الواقعة بين مطرقة الضغط الأمريكي وسندان الغضب الصيني تواجه خيارات صعبة، قد تقود إلى إعادة تشكيل التحالفات الاقتصادية في منطقة المحيط الهادئ.
الصين، التي وسعت تجارتها مع جنوب شرق آسيا خلال السنوات الأخيرة، تراقب هذه التحركات عن كثب، وبدأت بدورها في فرض قيود على صادرات المعادن النادرة، التي تعد حيوية لصناعات التكنولوجيا الأمريكية، مما ينذر بصراع طويل الأمد في سلاسل التوريد العالمية.
ورغم تصريحات ترامب المتفائلة بقرب التوصل إلى اتفاق، يرى المحللون أن التسوية بعيدة المنال في ظل تصعيد متبادل وغياب الثقة.
كما أن مشروع “Alaska LNG” يواجه عقبات سياسية وتجارية، أبرزها إمكانية تغيّر الإدارة الأمريكية في 2028، وعودة سياسات مناهضة للتوسع في مشاريع الغاز.
الصين أصبحت اليوم لا تكتفي بردود الفعل، بل تبعث برسائل قوية: مصالحها ليست ورقة تفاوض، وأي تجاهل لهذا الواقع سيُقابل برد لا يقل حدة