بروفايل| البابا فرنسيس.. ابن المهاجر الذي عاش 67 عامًا برئة ونصف

البابا فرنسيس

اسم الولادة: خورخي ماريو بيرغوليو

تاريخ الميلاد: 17 ديسمبر 1936

مكان الميلاد: بوينس آيرس، الأرجنتين

تاريخ الوفاة: 21 أبريل 2025

العمر عند الوفاة: 88 عامًا

المهنة: كاهن يسوعي، ثم أسقف، ثم كاردينال، بابا الكنيسة الكاثوليكية (2013-2025) باسم فرنسيس

الحالة الاجتماعية: أعزب (ملتزم بالتبتل الكهنوتي)

الإنجازات البارزة: أول بابا من الأمريكتين، وأول يسوعي يتولى الكرسي البابوي، ورائد إصلاحات الفاتيكان، ومدافع عن الفقراء والبيئة

نشأة متواضعة في بوينس آيرس

وُلد البابا فرنسيس باسم خورخي ماريو بيرغوليو في حي فلوريس الشعبي ببوينس آيرس، كأكبر أبناء عائلة مهاجرة إيطالية مكونة من خمسة أطفال.

والده، ماريو، عمل محاسبًا في السكك الحديدية، بينما كرست والدته، ريجينا سيفوري، وقتها لتربية أبنائها، وتأثر خورخي بشدة بجدته روزا، التي غرست فيه حب الصلاة والإيمان.

في شبابه، عمل في وظائف متنوعة، من كناس إلى حارس ليلي في ملهى، وصولاً إلى تقني كيميائي، قبل أن يختار طريق الكهنوت.

في سن 21، أصيب خورخي بالتهاب رئوي حاد، تطلب إزالة جزء من رئته اليمنى، وهي تجربة شكلت رؤيته للحياة كمعركة يجب خوضها برحمة وصبر.

هذا التحدي الصحي لم يمنعه من السعي وراء دعوته الروحية، إذ انضم إلى جمعية اليسوعيين عام 1958، وبدأ رحلة دراسية وروحية شاقة شملت الفلسفة واللاهوت في الأرجنتين وتشيلي.

مسيرة كهنوتية متميزة

تأهل خورخي ككاهن يسوعي عام 1969، وسرعان ما تولى مناصب قيادية، فبين 1973 و1979، ترأس اليسوعيين في الأرجنتين، وهي فترة تزامنت مع الديكتاتورية العسكرية (1976-1983).

واجه اتهامات بعدم حماية كاهنين يسوعيين اختطفتهما السلطات، لكنه أثبت لاحقًا جهوده السرية لإنقاذهما، مستغلاً علاقاته للتوسط لدى قادة النظام. هذه التجربة عززت حذره ودبلوماسيته.

في 1992، عيّنه البابا يوحنا بولس الثاني أسقفًا مساعدًا لبوينس آيرس، ثم أصبح رئيس أساقفة المدينة عام 1998، وكاردينالًا في 2001. كرئيس أساقفة، عاش ببساطة في شقة متواضعة، وتنقل بالحافلات، مركزًا على خدمة الفقراء وتعزيز الإنجيل بين سكان الأحياء الشعبية.

في 2005، كاد يصبح بابا، لكنه طلب من الكرادلة عدم التصويت له، مفضلاً تأخير اختيار خليفة يوحنا بولس الثاني.

صعود إلى الكرسي البابوي

في 13 مارس 2013، انتخب الكاردينال بيرغوليو بابا بعد استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر، وهي سابقة نادرة.

اختار اسم فرنسيس تيمنًا بفرنسيس الأسيزي، رمز البساطة والرحمة.

منذ لحظته الأولى كبابا، أذهل العالم بتحيته البسيطة “مساء الخير”، وطلبه من الحشود أن يباركوه قبل أن يباركهم، معلنًا عن نهج جديد يقوم على الحوار والتواضع.

رفض فرنسيس العيش في القصر البابوي، مفضلاً غرفة بسيطة في دار سانتا مارتا، واستبدل السيارات الفاخرة بسيارات اقتصادية، وحتى الأحذية الحمراء التقليدية بأحذية عادية.

إصلاحات جريئة وتحديات

سعى البابا فرنسيس إلى إعادة هيكلة الفاتيكان، فقام بتعيين مجلس من ثمانية كرادلة لمراجعة الإدارة ومكافحة الفساد، وأغلق حسابات مشبوهة في بنك الفاتيكان.

كما أصدر وثيقة “Laudato Si’” عام 2015، داعيًا إلى حماية البيئة ومواجهة تغير المناخ، منتقدًا الرأسمالية الجامحة التي تزيد من معاناة الفقراء. هذه الوثيقة، التي نُشرت قبل مؤتمر باريس للمناخ، أضافت بُعدًا أخلاقيًا للنقاش العالمي.

على صعيد الإصلاحات الاجتماعية، عزز دور النساء في الكنيسة، فعيّن أول امرأة في منصب إداري رفيع بأمانة الدولة عام 2020، وسمح للنساء بأدوار دينية مثل القراءة وخدمة المذبح.

كما فتح الباب لمناقشة قضايا حساسة، مثل الطلاق والمثلية الجنسية، فقال في 2013: “إذا كان شخص مثلي ويبحث عن الله، فمن أنا لأحكم عليه؟”، وهي عبارة غيرت نبرة الكنيسة تجاه مجتمع المثليين، رغم إبقائه على تعاليم الكنيسة التقليدية.

مواجهة فضائح التحرش

واجه فرنسيس أزمة كبرى مع فضائح التحرش الجنسي في الكنيسة، ففي البداية، اتُهم بالتأخر في الاستجابة، خاصة في قضية تشيلي 2018، حيث دافع عن أسقف مثير للجدل قبل أن يدرك خطأه.

بعد ذلك، استجاب البابا بدعوة الضحايا إلى الفاتيكان، وقدم اعتذارًا شخصيًا، وأمر أساقفة تشيلي بالاستقالة.

كما أسس لجنة لحماية الأطفال، وألغى “السر البابوي” في قضايا التحرش، وسّع قوانين المساءلة لتشمل الأساقفة.

رغم ذلك، استمرت انتقادات بعض الضحايا لعدم وجود تغييرات جذرية كافية.

علاقة قوية بالعرب والتقاربن بين الأديان

 جذب البابا فرنسيس والإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، أنظار العالم عندما التقيا في الرابع من فبراير 2019 في أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة، للتوقيع على وثيقة الأخوة الإنسانية، التي تمثل إعلانا مشتركا يحث على السلام بين الناس في العالم.

كما زار البابا العراق في زيارة تاريخية وزار مصر والمغرب وعدد من الدول العربية.

تحديات صحية ونهاية الرحلة

عانى فرنسيس من مشكلات صحية مزمنة، من جراحة القولون في 2021 إلى آلام الركبة التي أجبرته على استخدام كرسي متحرك منذ 2022.

في فبراير 2025، أصيب بالتهاب رئوي مزدوج، أدى إلى دخوله مستشفى جيميلي لمدة 38 يومًا، في أطول إقامة طبية خلال حبريته.

رغم ذلك، ظهر في عيد الفصح، 20 أبريل 2025، ليبارك الحشود من شرفة القديس بطرس، في آخر ظهور علني له.

توفي في اليوم التالي، 21 أبريل، في الساعة 7:35 صباحًا، تاركًا إرثًا من الرحمة والإصلاح.

فرنسيس، الذي بدأ حياته كابن مهاجرين وانتهى كراعٍ عالمي، ترك كنيسة أكثر انفتاحًا، لكنه أثار انقسامات بين المحافظين والتقدميين.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *