العفو الدولية: حكومة سوريا ارتكبت مجازر ضد العلويين في الساحل

#image_title #separator_sa #site_title

ماذا حدث؟

كشفت منظمة العفو الدولية عن موجة عنف طائفي مروعة ضد المدنيين العلويين في الساحل السوري، ووصفتها بأنها “جرائم حرب” تتطلب تحقيقًا دوليًا عاجلًا ومحاسبة صارمة، في مشهد يعيد أسوأ فصول الحرب السورية.

“رأيت مئات الجثث تُدفن في صمت… بلا صلاة، بلا وداع”

وصف شهود عيان من بانياس لـ “العفو الدولية” لمحة مروعة لعمليات قتل ممنهجة نفذتها ميليشيات تابعة للحكومة السورية المؤقتة بعد سيطرتها على الساحل. بين 8 و9 مارس 2025، شهدت المدينة إعدامات ميدانية أودت بحياة أكثر من 100 مدني، منها 30 شخصًا في حي القصور. وقال الناجي “سعيد” إنه دفن والده وإخوته في مقبرة جماعية قرب مقبرة الشيخ هلال، حيث شاهد مئات الجثث مكدسة ثم رمت عليها شاحنة التراب. ولم تُسمح للعائلات بإقامة جنازات أو حضور دفنهم.

تصفيات طائفية بدم بارد

ووفقًا لتحقيق المنظمة، كان المسلحون يستجوبون المدنيين عن انتمائهم الطائفي قبل أن يطلقوا الرصاص عليهم من مسافة قريبة. قالت سميرة إن زوجها قُتل أمام عينيها بعدما سُئل إذا كان علويًا، حيث قال له المسلح: “سأريك كيف قتل العلويون شقيقي” ثم أطلق عليه رصاصة في الرأس. ووثق مختبر أدلة الأزمات التابع للمنظمة تسعة مقاطع فيديو وصورًا بالأقمار الصناعية تؤكد تنفيذ عمليات القتل والتنكيل ودفن الجثث في قبور غير منتظمة.

رد انتقامي بعد هجمات مسلحة

جاءت الوقائع الدامية بعد أيام من هجمات شنها جماعات تابعة للنظام السابق بقيادة بشار الأسد على مواقع أمنية في اللاذقية وطرطوس في 6 مارس. وردت الحكومة المؤقتة بهجوم عسكري لاستعادة السيطرة، لكن ما تبع ذلك كان عملية انتقام طائفي منظمة.

جثث في الممرات ومشرحة بلا ثلاجات

وفي شهادة أخرى، قال “أحمد” إن والده قُتل برصاصة في الظهر أثناء محاولته حماية أخيه من الضرب. وأضاف أن أقاربه اضطروا للبحث عن جثته بين عشرات الجثث الملقاة في مستشفى بانياس، بعضها مكدّس فوق الآخر خارج ثلاجات الموتى. وأكد عامل طبي في المستشفى أن الميليشيات، إلى جانب الهلال الأحمر والدفاع المدني، نقلوا عشرات الجثث دون أي إجراء رسمي.

لجنة تحقيق.. ومخاوف من طمس الأدلة

ورغم إعلان الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع عن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق ولجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي، إلا أن منظمة العفو شددت على ضرورة ضمان استقلال التحقيق، وتوفير الصلاحيات الكافية له، بما يشمل الوصول إلى الشهود والمقابر الجماعية، وتأمين الحماية للضحايا وذويهم.

وحذرت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار، من تكرار سيناريو الإفلات من العقاب، قائلة: “السوريون عانوا لأكثر من عقد من غياب العدالة. المجازر الأخيرة فتحت جرحًا جديدًا في بلد لم تندمل فيه جراح الماضي بعد. يجب أن تكون هذه اللحظة بداية حقيقية لعدالة لا تستثني أحدًا”.

توثيق أممي وشهادات دامغة

تفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن عدد الضحايا يفوق الأرقام المعلنة، لكنها وثقت مقتل 111 مدنيًا على الأقل في طرطوس واللاذقية وحماة، معظمهم بإعدامات ميدانية ذات طابع طائفي. وسجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 420 شخصًا، بينهم 39 طفلًا، على يد ميليشيات مرتبطة بالحكومة أو جماعات مسلحة دُمجت مؤخرًا في القوات النظامية.

ماذا بعد؟

في ظل غياب تحرك دولي فعّال، تتزايد المخاوف من تكرار الجرائم، ويؤكد مراقبون أن منع الفظائع يبدأ بمحاسبة حقيقية لا بلجان شكلية. وبينما يسير السوريون فوق ركام جراحهم، تظل أصوات الضحايا تصرخ، لا تسامح مع القتلة، ولا مصالحة بلا عدالة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *