كيف تعاملت دول العالم مع رسوم ترامب الجمركية؟

دونالد ترامب

ماذا حدث؟

في خطوة أثارت عاصفة من ردود الفعل الدولية، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن حزمة رسوم جمركية جديدة شملت معظم الدول الموردة للولايات المتحدة، بنسب ابتدائية تصل إلى 10% وقد تتجاوز 50% في حالات معينة.

هذه الإجراءات، التي تم الإعلان عنها رسميًا في الثاني من أبريل، جاءت ضمن سياسة ترامب الهادفة إلى إعادة بناء القاعدة الصناعية الأميركية، التي وصفها بأنها “ضحية لعقود من الانفتاح التجاري غير المتكافئ”.

وسرعان ما تباينت ردود أفعال الدول تجاه هذا القرار؛ فبينما فضّلت عشرات الدول، تجاوز عددها 50 وفق تصريحات وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت، التفاوض السلمي مع واشنطن، اختارت دول أخرى مثل الصين المواجهة المفتوحة، معلنة استعدادها لـ”القتال حتى النهاية” في ما يشبه حربًا تجارية شاملة.

الدول المتضررة سارعت إلى البحث عن حلول، فالبعض رد بفرض رسوم مضادة، وآخرون دخلوا في محادثات ثنائية، بينما لجأت بعض الحكومات إلى التهدئة وتقديم تنازلات.

والنتيجة كانت خارطة عالمية متغيرة للتحالفات التجارية، وتوترات تتصاعد في الأسواق المالية العالمية التي شهدت تذبذبات حادة، خاصة في سوق العملات الرقمية التي تراجعت بشكل ملحوظ بعد أسابيع من الانتعاش.

لماذا هذا مهم؟

أهمية القرار لا تكمن فقط في أثره المباشر على التجارة الثنائية بين واشنطن وباقي العالم، بل في تداعياته الأوسع على الاقتصاد العالمي، ففرض رسوم مرتفعة على واردات رئيسية يعني رفع تكلفة السلع في الأسواق الأميركية، وهو ما ينعكس على التضخم المحلي وعلى سلاسل التوريد الدولية.

الصين، التي استهدفتها واشنطن برسوم مرتفعة، ردّت بقوة بفرض تعريفات تصل إلى 34% على سلع أميركية، وشملت الردود لاحقًا فرض ضرائب إضافية على الفحم، والغاز الطبيعي، والمنتجات الزراعية.

أما اليابان، فسلكت طريق التفاوض، حيث أعلنت عن بدء محادثات رسمية يقودها وزير الاقتصاد ريوسي أكازاوا، مع التطلع إلى تخفيف حدة الإجراءات من خلال اتفاقات ثنائية.

في أوروبا، اقترح الاتحاد الأوروبي رداً جماعيًا، من خلال فرض رسوم مضادة على سلع أميركية مثل فول الصويا والمكسرات، لكنه أبدى مرونة تجاه الحوار.

أما كندا، الجار الأقرب لأميركا، فقد قابلت التعريفات الأميركية برسوم مماثلة شملت الصلب والألمنيوم وبعض المركبات، وهو ما وضع اتفاقية التجارة الحرة الجديدة (USMCA) تحت اختبار مبكر.

وتبرز فيتنام وتايوان كمثالين مختلفين؛ الأولى قدّمت عرضًا بإلغاء جميع الرسوم على البضائع الأميركية، والثانية سعت إلى تعزيز استثماراتها في السوق الأميركية لتجنب التصعيد، خصوصًا في قطاع أشباه الموصلات الحيوي.

ماذا بعد؟

المشهد التجاري الدولي بات أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. إدارة ترامب، برؤيتها الحمائية، فرضت واقعًا جديدًا يُرغم الدول على إعادة تقييم استراتيجياتها الاقتصادية.

وعلى الرغم من أن بعض الأطراف مثل الاتحاد الأوروبي واليابان أبدت مرونة تفاوضية، فإن دولًا أخرى، وفي مقدمتها الصين، لا تزال تصر على التصعيد.

في هذا السياق، تظل المفاوضات الثنائية هي الأداة الأبرز لإعادة التوازن، غير أن خطر اندلاع حرب تجارية شاملة لا يزال قائمًا، وقد تكون له تداعيات بعيدة المدى على التجارة العالمية والنمو الاقتصادي، لا سيما مع تقارير حديثة من بنوك استثمار كبرى مثل غولدمان ساكس التي رفعت توقعاتها لاحتمال دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود إلى 45%.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *