ماذا حدث؟
في تطور قد يعيد تشكيل خريطة الهيمنة التكنولوجية، تفوقت الصين على الولايات المتحدة في حجم وجودة أبحاث الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وفقًا لـSouth China Morning Post، ما يعكس تنامي قدرات جامعاتها التي باتت تنافس نظيرتها الأميركية بكفاءة ونماذج تضاهي ChatGPT.
جامعة بكين تتصدر المشهد العالمي
وفقًا لموقع AIRankings، تصدرت جامعة بكين إنتاج أبحاث الذكاء الاصطناعي منذ 2022، متفوقة على جامعات أمريكية كبرى مثل “ستانفورد” و”ماساتشوستس للتكنولوجيا”. وجاءت خمس جامعات صينية ضمن العشرة الأوائل عالميًا في 2024، إلى جانب مؤسسات آسيوية بارزة، ما يعكس تحولًا في ميزان القوى البحثية نحو الشرق.
“ديب سيك”.. قصة نجاح محلية بتكلفة منخفضة
من ثمار هذا التقدم، تبرز شركة “ديب سيك” الصينية، التي طورت نموذج ذكاء اصطناعي قويًا بتكلفة أقل وكفاءة طاقية أعلى من ChatGPT، معتمدة على خريجي جامعات مرموقة مثل بكين وتسينغهوا. ويقودها مؤسسها ليانج وينفينج، خريج جامعة تشجيانج، بفريق شاب أغلبه من حديثي التخرج، ما يعكس الثقة في الكفاءات المحلية.
عودة العقول.. وسلاح “الفكر الصيني”
من أبرز عوامل تقدم الصين “عودة العقول المهاجرة”، مثل البروفيسور تشو سونج تشون، خبير الرؤية الحاسوبية، الذي عاد من جامعة كاليفورنيا عام 2020 ليرأس معهد الذكاء الاصطناعي وكلية علوم وتكنولوجيا الذكاء بجامعة بكين. وفي منتدى يناير الماضي، أكد تشو أن رواية الهيمنة الأميركية حفّزت الابتكار هناك لكنها أضعفت ثقة العالم، مشددًا على أن الصين قادرة على قيادة حقبة الذكاء الاصطناعي بفكرها الخاص.
الأرقام لا تكذب.. ولكن
رغم التقدم الصيني، لا تزال الولايات المتحدة تتصدر في إجمالي منشورات العقد الأخير، بإنتاج 188 مؤسسة أميركية لأكثر من 35 ألف ورقة منذ 2015، مقابل نحو 17.9 ألف من 33 مؤسسة صينية. لكن الصين تسد الفجوة بسرعة؛ ففي 2023 كان الفارق 1900 ورقة لصالح أمريكا، وتقلص إلى 1400 في 2024.ونشرت 27 جهة صينية 280 ورقة من 279 باحثًا، مقابل 179 ورقة من 248 باحثًا في 102 مؤسسة أميركية.
ماذا بعد؟
ما يحدث اليوم يُعد تحولًا استراتيجيًا يعيد تشكيل المنافسة في الذكاء الاصطناعي، وليس مجرد صعود مؤقت للصين. فبينما تعتمد أمريكا على تقاليدها البحثية، تستثمر الصين بقوة وتستعيد العقول وتراهن على جيل جديد من الباحثين. ومع هذا الزخم، قد تقترب الصين من تصدر المشهد بالكامل، في البحث والتطبيقات التي سترسم مستقبل البشرية.