الفصائل العراقية المدعومة من إيران تخطط لنزع سلاحها.. لماذا الآن؟

#image_title #separator_sa #site_title

ماذا حدث؟

تستعد عدة فصائل مسلحة شيعية مدعومة من إيران في العراق لنزع سلاحها، وفقًا لما كشفه عشرة قادة ميدانيين ومسؤولين عراقيين لوكالة “رويترز”.

هذه الفصائل، وبينها كتائب حزب الله، وحركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وأنصار الله الأوفياء، أبدت استعدادها لتفكيك ترسانتها العسكرية تجنبًا للتصعيد مع إدارة ترامب التي وجهت تهديدات مباشرة لبغداد بقصف هذه المجموعات ما لم يتم تفكيكها.

وجاء هذا التغير بعد تحذيرات متكررة أرسلتها واشنطن إلى الحكومة العراقية منذ تولي ترامب الحكم، مطالبةً بضرورة حل الفصائل المسلحة التي لا تتبع الدولة، وقد دخلت هذه التحذيرات مرحلة أكثر جدية مؤخرًا، مما دفع الحكومة العراقية، برئاسة محمد شياع السوداني، إلى الانخراط في محادثات متقدمة مع قادة تلك الجماعات.

وبحسب عزت الشابندر، السياسي الشيعي البارز، فإن الفصائل لا تُبدي عنادًا، بل تدرك تمامًا أنها قد تكون هدفًا مباشراً للغارات الأميركية.

ويُضاف إلى ذلك أن الحرس الثوري الإيراني، الراعي الأساسي لهذه الفصائل، منحها حرية اتخاذ القرار المناسب لتفادي الانجرار إلى حرب كارثية مع واشنطن وتل أبيب.

لماذا هذا مهم؟

خطوة نزع السلاح لا تقتصر على المشهد العراقي، بل تعكس تغيرًا جذريًا في توازنات “محور المقاومة” الإيراني، الذي يتعرض لضربات موجعة منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، فقد تعرضت حماس لضربات إسرائيلية متواصلة، وتكبد حزب الله اللبناني خسائر متزايدة، فيما تتعرض جماعة الحوثي لضربات أميركية مباشرة في اليمن، ما يضعف قدرة إيران على تنسيق جبهة موحدة ضد النفوذ الأميركي والإسرائيلي في المنطقة.

كما أن هذه الخطوة تُظهر حجم الضغوط الأميركية، التي لم تكتفِ بالمطالبة، بل أوصلت رسائلها هذه المرة بلغة التهديد المباشر.

وزارة الخارجية الأميركية أكدت أنها لن تقبل بوجود جماعات مسلحة تدين بالولاء لطهران داخل الأراضي العراقية، داعية إلى إخضاع كل القوى العسكرية لقيادة الدولة العراقية فقط.

وتكتسب هذه التطورات أهمية خاصة مع تصاعد وتيرة الهجمات التي نفذتها هذه الفصائل على قواعد أميركية في العراق وسوريا، ومشاركتها في إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة نحو إسرائيل تضامنًا مع غزة، مما أسفر في أحد الحوادث عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن.

ماذا بعد؟

المفاوضات ما زالت مستمرة، ولم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حتى الآن، فيما تبحث الحكومة العراقية عن آلية مناسبة لنزع السلاح، تتراوح بين إدماج المقاتلين في القوات النظامية، أو تحويل هذه الفصائل إلى كيانات سياسية فقط.

ومنذ منتصف يناير، بدأت بعض الفصائل إخلاء مقارها والابتعاد عن مراكز المدن الكبرى مثل الموصل والأنبار، فيما شددت على قادتها إجراءاتهم الأمنية خوفًا من الاستهداف.

لكن العديد من المراقبين يشككون في جدية هذه الخطوة، ويرون أنها قد تكون تكتيكية لامتصاص الضغط الأميركي، فواشنطن نفسها تدرك أن الفصائل سبق وأوقفت هجماتها تحت ضغط، لكنها سرعان ما تعود إليها لاحقًا.

ومع استمرار التحذيرات من احتمال تنفيذ ضربات أميركية جديدة، فإن خيارات الفصائل تزداد تضييقًا، وفي هذا السياق، حذّر المستشار السياسي السابق لرئيس الوزراء إبراهيم الصميدي من أن “عدم الامتثال الطوعي قد يؤدي إلى فرض ذلك بالقوة”.

في المجمل، يشير هذا التحول إلى بداية مرحلة جديدة في علاقة بغداد بطهران وواشنطن، حيث تسعى الحكومة العراقية إلى الحفاظ على التوازن بين حليفين متنافسين، وسط ضغوط متصاعدة قد تغيّر مستقبل القوى المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة في العراق.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *