تمرد الأمهرا.. هل بدأت الحرب الأهلية في إثيوبيا؟

#image_title #separator_sa #site_title

ماذا حدث؟

في خضم تعافي إثيوبيا من أهوال حرب تيغراي (2020–2022)، اندلعت موجة جديدة من العنف في شمال البلاد، تحديدًا في إقليم الأمهرا، حيث تخوض ميليشيا “فانو” العرقية صراعًا داميًا ضد القوات الفيدرالية.

بدأت الشرارة الأولى في أبريل 2023 كاشتباكات متفرقة، وسرعان ما تحولت في أغسطس إلى تمرد واسع النطاق، إذ شنت فانو هجمات على مدن كبرى بهدف السيطرة عليها.

وحتى مارس 2025، أسفرت المواجهات عن مقتل أكثر من 300 مقاتل من فانو وفقًا لتصريحات الحكومة، ونزوح ما يزيد على 100 ألف مدني، فيما حُرم 4.7 مليون طفل من التعليم.

الميليشيا التي كانت حليفة للحكومة أثناء حرب تيغراي، وجدت نفسها مُهمشة بعد اتفاق السلام الموقع في 2022، إذ لم يُتح لها مقعد على طاولة المفاوضات، وقد ساهم قرار الحكومة في أبريل 2023 بحلّ القوات الخاصة الإقليمية في إثارة غضب الأمهرا، الذين اعتبروا ذلك محاولة لتجريدهم من وسائل الدفاع وسط استمرار النزاعات الحدودية مع إقليم تيغراي.

لماذا هذا مهم؟

الأمهرا ليسوا مجرد مجموعة عرقية كباقي المكونات الإثيوبية؛ إنهم من صناع الدولة، ولغتهم الأمهرية هي اللغة الرسمية في البلاد، وقد خلق تهميشهم في المرحلة السياسية التي أعقبت سقوط “الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية” عام 2018، إحساسًا بالخذلان، خصوصًا مع استحواذ الجناح الأورومي في “حزب الازدهار” – الذي شكله رئيس الوزراء آبي أحمد – على المناصب السيادية والاقتصادية.

تعرّض قادة الأمهرا المعارضين للإقصاء أو الاعتقال أو الاغتيال، كما في حالة رئيس إقليم الأمهرا السابق أمباتشو مكونن الذي اغتيل في 2019.

هذا إلى جانب الاعتداءات العرقية التي استهدفت أبناء الأمهرا في مناطق متعددة، والقيود الأمنية على تحركهم نحو العاصمة أديس أبابا، ساهمت في تغذية مشاعر التهميش والسخط، التي سرعان ما تحوّلت إلى وقود لتمرد مسلح.

لكن التمرد الحالي يفتقر إلى قيادة موحدة وأهداف واضحة، ما يجعله هشًا من الداخل، رغم انتشاره الجغرافي الكبير، إذ تغطي العمليات مناطق تفوق إقليم تيغراي بثلاثة أضعاف، وتشكل تحديًا مرهقًا للجيش الفيدرالي.

ماذا بعد؟

على الرغم من أن الحكومة الإثيوبية حاولت فرض سيطرتها بإعلان حالة الطوارئ وتكثيف الضربات الجوية ونشر قوات ضخمة، إلا أن استراتيجيتها فشلت في إخماد التمرد، كما أن محاولاتها لفتح قنوات تفاوض سرّية مع بعض فصائل فانو دون غيرها، تهدف إلى شق صفوفهم، لكنها لم تحقق اختراقًا يُذكر.

الحل الحقيقي لا يكمن في فرض الاستسلام، بل في إطلاق عملية سلام شاملة تتضمن الإفراج عن المعتقلين السياسيين والصحفيين من أبناء الأمهرا، وتمكين المجتمع المدني، وإشراك جميع فصائل فانو، والقوى المعارضة المحلية والشتات في حوار شامل برعاية حيادية دولية وإقليمية.

على المدى البعيد، يجب معالجة جذور الأزمة البنيوية، من خلال ضمان تمثيل الأمهرا في هياكل الحكم، وإنهاء التمييز العرقي، وحسم النزاعات الحدودية وفقًا لمبادئ الدستور وموافقة الشعوب المعنية، فبدون إنهاء دورة الهيمنة العرقية في الحكم، ستبقى إثيوبيا في دوامة حروبها الأهلية، ومعها يتبدد حلم الاستقرار والتنمية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *