كيف يمكن كسر الجمود السياسي في ليبيا؟

#image_title #separator_sa #site_title

ماذا حدث؟

في يناير 2025، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا عن نيتها إطلاق مناقصة عامة لاستكشاف حقول نفط وغاز استراتيجية، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عام 2007.

هذه المناقصة تمثل فرصة ثمينة لاستقرار قطاع الطاقة الليبي، الذي يشكل 60% من الناتج المحلي الإجمالي، و94% من الصادرات، و97% من الإيرادات الحكومية.

ورغم أهمية هذه الخطوة، فإنها تأتي في وقت يشهد فيه المشهد السياسي الليبي جمودًا قاتلًا منذ أكثر من عقد بين حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس ومجلس النواب في طبرق، وهو خلاف حال دون التوصل إلى انتخابات وطنية أو مسار مصالحة فعلي.

في ظل هذا الانقسام، بات من غير المؤكد أن تجد الاستثمارات الأجنبية طريقها الآمن إلى ليبيا، خاصة وأن المشير خليفة حفتر، القائد العسكري للجيش الوطني الليبي، لا يزال يسيطر على موارد الطاقة ويستخدمها ورقة تفاوض عسكرية ودبلوماسية مع قوى أجنبية، كالصين وروسيا، في تحدٍ واضح لقرارات الأمم المتحدة.

وبالفعل، كشفت تقارير عن صفقة سلاح كبرى مع الصين تتضمن طائرات مسيرة مقابل النفط، مما يهدد بمزيد من عسكرة الاقتصاد.

لماذا هذا مهم؟

تمثل هذه التطورات فرصة حرجة للمجتمع الدولي، خصوصًا الولايات المتحدة وإيطاليا، للعودة إلى المشهد الليبي بثقل سياسي واقتصادي، فغيابهما في السنوات الماضية سمح لقوى كروسيا والصين وتركيا بترسيخ نفوذها على حساب مشروع الدولة الوطنية الليبية.

وتبرز أهمية دور إيطاليا، التي تسعى عبر “خطة ماتّيي” لأن تصبح مركز توزيع الطاقة لأوروبا، في حين يتطلع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى استعادة الحضور الأمريكي في ليبيا، في ظل تعاونه الشخصي والسياسي مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.

ورغم أن الطاقة الليبية أظهرت قدرة تعافٍ ملحوظة، إذ بلغ الإنتاج 1.422 مليون برميل يوميًا في نهاية 2024، إلا أن المخاطر المرتبطة بهيمنة حفتر على مناطق الإنتاج – مثل حوض سرت – تعرقل أي استثمار مستدام، بل إن موسكو وقّعت مع حفتر اتفاقًا لإنشاء خط سكك حديدية استراتيجي بين سرت وبنغازي، يخدم نقل الأسلحة والنفط معًا، في توجه قد يعمّق ارتباط ليبيا بمحور الشرق ويقوّض أي أمل في إصلاح داخلي شامل.

ماذا بعد؟

إن استمرار الوضع الراهن يعني مزيدًا من الانقسام، والفساد، واستغلال الثروات الطبيعية لصالح قوى لا تمثل الإرادة الشعبية.

ولذلك، فإن كسر الجمود السياسي في ليبيا يتطلب تحركًا أمريكيًا-إيطاليًا سريعًا يهدف إلى تسهيل مسار سياسي يقوده تكنوقراط ليبيون بإشراف أممي، مع تهميش أمراء الحرب والعابثين بالثروة الوطنية.

وهنا، يمكن للولايات المتحدة، عبر علاقتها الخاصة بحفتر – كونه مواطنًا أمريكيًا – أن تمارس ضغطًا مباشرًا لإقناعه بالمشاركة في تسوية حقيقية، فيما تلعب إيطاليا دور الوسيط الاقتصادي المستفيد.

كسر الجمود ليس مستحيلًا، بل قد يكون بوابة لتعافي ليبيا وإعادتها إلى موقعها الإقليمي كقوة طاقة وسلام، بدلًا من أن تبقى ساحة تنازع دولي دائم.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *