لماذا تصعّد إسرائيل حربها الآن ضد سوريا؟

#image_title #separator_sa #site_title

ماذا حدث؟

في الأسابيع الستة الماضية، شنت إسرائيل حملة عسكرية غير مسبوقة ضد سوريا، تمثّلت في أكثر من 70 توغلاً برياً في الجنوب الغربي، و31 غارة جوية في عموم البلاد.

بلغ التصعيد ذروته في 25 مارس عندما قامت القوات الإسرائيلية بإطلاق قذائف دبابات وغارات جوية على قرية “كويا” أودت بحياة 6 أشخاص على الأقل.

هذا الهجوم جاء في ظل مرحلة انتقالية هشة تمر بها سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، وهو ما تعاملت معه إسرائيل باعتباره فرصة استراتيجية لضرب البنية الأمنية السورية بالكامل، إذ نفذت أكثر من 600 غارة جوية في غضون 10 أيام فقط من سقوط الأسد، واحتلت كامل المنطقة العازلة التي أنشئت بموجب اتفاقية فك الاشتباك عام 1974.

وتحت ذريعة حماية المجتمعات الدرزية من تهديدات محتملة، أقدمت إسرائيل على فرض واقع عسكري جديد في جنوب سوريا، شمل شق طرق جديدة وزرع ألغام ونشر قواتها على عمق 12 كيلومترًا داخل الأراضي السورية.

كما دعمت تشكيل ميليشيا درزية جديدة تُدعى “مجلس السويداء العسكري”، بقيادة جنرالات سابقين في جيش الأسد، يُعتقد أن لهم روابط مباشرة مع إسرائيل.

لماذا هذا مهم؟

هذا التصعيد يثير قلقًا دوليًا متزايدًا، ليس فقط لأنه يهدد بنسف ما تبقى من استقرار إقليمي، بل لأنه يستهدف حكومة انتقالية سورية تسعى -لأول مرة منذ أكثر من عقد- إلى تطبيع علاقاتها مع الجوار الإقليمي والدولي، وتحقيق استقرار داخلي حقيقي.

الحكومة المؤقتة، التي تمكنت من إحباط 18 شحنة سلاح كانت في طريقها إلى حزب الله، وتفكيك 8 قواعد صاروخية إيرانية، لم تُظهر أي نية عدائية تجاه إسرائيل منذ توليها السلطة.

المفارقة أن هذا التصعيد الإسرائيلي يأتي في وقت تسعى فيه سوريا الجديدة لإعادة التموضع الجيوسياسي بعيداً عن النفوذ الإيراني، وبناء علاقات مع قوى كبرى كروسيا وتركيا، وقد عرضت أنقرة بالفعل نشر قوات دفاع جوي وطائرات حربية في قاعدتين بسوريا في محاولة لفرض السيادة الجوية ومنع الانتهاكات الإسرائيلية، إلا أن الحكومة السورية المؤقتة كانت تتحاشى الموافقة حتى لا تؤدي إلى أزمة جديدة.

ماذا بعد؟

إن استمرار إسرائيل في نهجها الحالي، سواء عبر دعم ميليشيات محلية أو توسيع احتلالها للأراضي السورية، يهدد بجرّ سوريا إلى مواجهة غير مرغوبة، وربما حتى إلى إعادة تشكيل محور مقاومة جديد ينشأ من رحم المعاناة السورية ويُجبَر على الرد.

الفرصة التي ظهرت بسقوط الأسد وانهيار النفوذ الإيراني يمكن أن تتحول إلى نقطة تحوّل نحو استقرار دائم في الشرق الأوسط، إن أحسنت القوى الإقليمية والدولية توجيهها.

لذلك، فإن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مطالبة باستخدام تأثيرها المباشر على إسرائيل لضبط إيقاع المواجهة، وتجنّب خلق واقع يُجبر سوريا على الرد، فقط من أجل الدفاع عن نفسها، فما لم تتوقف إسرائيل عن عدوانها، فإن سوريا الجديدة، التي لم تُظهر نية في التصعيد، قد تجد نفسها مضطرة لخوض معركة لم تكن تريدها.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *