كيف سيخسر العالم أجمع من رسوم ترامب الجمركية؟

#image_title #separator_sa #site_title

ماذا حدث؟

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية شاملة على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة بنسبة “أساسية” تبلغ 10%، بدءًا من 5 أبريل، على أن تبدأ رسوم إضافية خاصة بكل دولة اعتبارًا من 9 أبريل.

القرار جاء دون أي مهلة تُمكّن الشركات من إعادة ترتيب سلاسل الإمداد الخاصة بها، مما يُنذر بصدمة اقتصادية مرتقبة في الأسواق العالمية.

هذه الرسوم، التي تطال الجميع تقريبًا، تفرض تعريفات مرهقة على عدد من الدول.

فيتنام تأتي على رأس القائمة بنسبة 46%، تليها كمبوديا (49%)، وميانمار (44%)، والصين التي سيصل مجموع تعريفاتها إلى 54% بعد إضافة 34% جديدة إلى التعريفات السابقة.

اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي أيضًا نالوا نصيبهم من الضرر، مع تعريفات تتراوح بين 20% و34%.

أما كندا، فرغم استثنائها من الرسوم الأساسية، لا تزال تواجه تعريفات بنسبة 25% على قطاعات السيارات وغيرها.

لماذا هذا مهم؟

خطوة ترامب لا تمثل مجرد تعديل في السياسة التجارية، بل هي زلزال اقتصادي يهدد النظام التجاري العالمي برمته، فقد تسببت هذه الرسوم في إشعال فتيل ردود فعل غاضبة من قادة العالم، وعلى رأسهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي أكدت أن “جميع الأدوات مطروحة على الطاولة” للرد، مشيرة إلى أن السوق الأوروبية الموحدة ستكون الملاذ الآمن للدول الأعضاء.

كذلك، تعهد رئيس وزراء كندا الجديد، مارك كارني، برد مناسب، مؤكدًا أن “لا شيء مستبعد”.

التداعيات لن تقتصر على الحكومات، فالتأثير المباشر سيلمسه المواطن الأمريكي البسيط، حيث سترتفع أسعار السلع اليومية مثل الملابس والإلكترونيات المستوردة من آسيا، إذ يمكن أن يقفز سعر قميص قيمته 20 دولارًا إلى 30 دولارًا، قبل الضرائب المحلية.

علاوة على ذلك، قرار ترامب بإلغاء الإعفاءات الجمركية على الطرود الصغيرة من الصين – عبر ما يُعرف بـ”قاعدة الحد الأدنى” – ابتداءً من 2 مايو، سيحول حياة المتسوقين عبر الإنترنت إلى كابوس، وسيُرهق خدمات البريد الأمريكي التي تستقبل نحو 100,000 طرد كل ساعة.

ماذا بعد؟

العالم يقف الآن على أعتاب “حرب تجارية عالمية” جديدة، فالعديد من الدول تجهّز لتعريفات انتقامية قد تعمق الركود الاقتصادي، وتزيد التوترات الجيوسياسية، لكن الأخطر، هو انعدام اليقين

فهل سيكتفي ترامب بهذه الرسوم؟ أم أن هناك “حلقة جديدة” تنتظر الأسواق العالمية بمفاجآت أكثر شراسة؟

المثير للقلق أن بعض الدول، ككمبوديا وميانمار، لا تملك أدوات الرد، مما يضعها في موقف هش، بينما تُفكّر دول أخرى، مثل أستراليا، ما إذا كانت المواجهة تستحق المخاطرة، أم أنها مجرد معركة خاسرة.

في هذه الأثناء، بدأت حركات مقاطعة شعبية لمنتجات أمريكية بالظهور، كنوع من التعبير عن الرفض لسياسات ترامب، سواء في مجال التجارة أو البيئة أو العدالة الاجتماعية، لكن هذا الغضب العفوي قد يصيب في النهاية أهدافًا خاطئة، مثل مالكي الامتيازات التجارية المحليين، دون أن يُغير شيئًا على المستوى السياسي.

في النهاية، ورغم احتمالية ادعاء ترامب بـ”النصر” في حال تراجع العجز التجاري الأمريكي بشكل مؤقت، فإن الحقيقة أن هذه الرسوم لن تنعش الاقتصاد الأمريكي، بل ستُثقل كاهل المواطن، وتُعيد العالم إلى مشهد تجاري أكثر توترًا وهشاشة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *