ماذا حدث؟
بعد ثلاث سنوات من العقوبات المشددة التي فرضتها الولايات المتحدة وشركاؤها في مجموعة السبع (G7) على روسيا بسبب غزوها غير القانوني لأوكرانيا، باتت موسكو تعاني من تبعات هذه القيود الاقتصادية.
فقد تراجع نموها الاقتصادي إلى أدنى المستويات، وارتفعت نسبة التضخم إلى 10%، بينما أبقى البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة عند مستوى غير مسبوق بلغ 21% في فبراير الماضي.
كما زادت صعوبة بيع النفط الروسي بسبب العقوبات وانتهاء صلاحية الترخيص العام 8L، مما عرّض المشترين المحتملين لعقوبات ثانوية.
وعلى الرغم من تحقيق روسيا بعض المكاسب العسكرية، إلا أن أوكرانيا لا تزال صامدة في الميدان، مما جعل الولايات المتحدة وحلفاءها في موقع تفاوضي أقوى لإنهاء الحرب بشروطهم.
لماذا هذا مهم؟
مع تصاعد الضغط الاقتصادي، تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التوصل إلى تسوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وهنا تبرز معضلة كبرى: كيفية رفع العقوبات بشكل لا يمنح موسكو تنازلات مجانية، مع ضمان التزامها بأي اتفاق يتم التوصل إليه.
لذا، فإن العقوبات لن تُرفع دفعة واحدة، بل ستكون مشروطة بخطوات روسية واضحة، مثل الالتزام بوقف إطلاق النار، إعادة الأسرى الأوكرانيين، وإيقاف الهجمات على كييف وحلفاء أوكرانيا.
كما أن القيود المفروضة على قطاع التكنولوجيا والطاقة ستظل قائمة إلى حين التأكد من وفاء روسيا بالتزاماتها.
في المقابل، هناك بعض التسهيلات المحتملة، مثل تخفيف العقوبات على بعض الأفراد الروس، وإعادة إدماج موسكو تدريجيًا في النظام المالي العالمي، ولكن وفق معايير صارمة تتطلب انفصالها عن الأنظمة المالية البديلة التي أنشأتها بالتعاون مع الصين وإيران وكوريا الشمالية.
ماذا بعد؟
إدارة ترامب تسعى لاستخدام العقوبات كورقة ضغط تفاوضية وليس كهبة مجانية، لذلك، سيتم الإبقاء على “آلية الارتداد السريع” التي تسمح بإعادة فرض العقوبات فورًا إذا انتهكت روسيا شروط الاتفاق.
كما سيتم الإبقاء على تجميد أصولها السيادية المقدرة بـ 300 مليار دولار، حيث ترى واشنطن أن هذه الأموال يجب أن تُستخدم في إعادة إعمار أوكرانيا وليس إعادتها إلى موسكو.
أما فيما يخص قطاع الطاقة، فهناك توجه لإبطاء وتيرة رفع القيود، مع الاحتفاظ بقيود تمنع روسيا من استعادة نفوذها على سوق الطاقة الأوروبية، مما يتيح للولايات المتحدة تعزيز هيمنتها في مجال الغاز الطبيعي المسال (LNG).
في النهاية، تبدو استراتيجية العقوبات الأمريكية أكثر دقة وصرامة من أي وقت مضى، حيث تهدف إلى إضعاف روسيا استراتيجيًا دون تقديم تنازلات غير محسوبة.