ماذا حدث؟
أثار ملف التجنيد الإجباري في سوريا جدلًا واسعًا بين مختلف الأطراف، حيث باتت معايير الانتساب إلى المؤسسات العسكرية والأمنية تثير غضب واستياء العديد من المقاتلين، خاصة من كانوا جزءًا من الفصائل التي لعبت دورًا في إسقاط نظام الأسد. وفي الوقت الذي كان من المفترض أن يكون التجنيد التزامًا وطنيًا على الجميع، يبدو أن بعض الفئات تحصل على امتيازات خاصة، بينما يُقصى آخرون تحت حجج وشروط مشددة.
شروط جديدة.. واستثناءات مثيرة للجدل
وشهدت الفترة الأخيرة فرض شروط صارمة للانتساب إلى الجيش السوري ومؤسسات الأمن، حيث بات من الضروري ألا يكون المتقدم قد صدر بحقه أي حكم جنائي، وأن يتراوح عمره بين 20 و30 عامًا، بالإضافة إلى الحصول على شهادة إعدادية كحد أدنى، مع ضرورة التمتع بصحة سليمة ولياقة بدنية عالية. ورغم أن هذه الشروط تتماشى مع المعايير العسكرية المتعارف عليها عالميًا، إلا أن العديد من مقاتلي الفصائل المعارضة رفضوها، معتبرين أنها أداة إقصاء تهدف إلى حرمانهم من فرصة الانضمام إلى الجيش السوري الجديد.
غضب الفصائل.. وعودة رجال النظام السابق
ما زاد من حدة الغضب هو أن بعض الشخصيات والعناصر المنتمية سابقًا للنظام تمكنت من العودة إلى مؤسسات الأمن والجيش، بينما تم استبعاد العديد من الذين قاتلوا ضمن الفصائل المعارضة، وهو ما دفع بعضهم إلى التهديد بتنظيم تظاهرات مسلحة. وفي المقابل، يرى المسؤولون في الأمن العام أن هذه الإجراءات ضرورية لضمان بناء مؤسسة عسكرية أكثر انضباطًا وكفاءة، بعيدًا عن الحسابات السياسية والانتماءات السابقة.
المنشقون.. بين الإقصاء والمطالبة بالتعويض
عاد ملف المنشقين إلى الواجهة من جديد، حيث يطالب الآلاف ممن انشقوا عن الجيش السوري خلال السنوات الماضية بتعويض عادل وضمان مكان لهم في المعادلة الأمنية الجديدة. كبار الضباط الذين يملكون خبرات عسكرية طويلة اعتبروا أن استبعادهم غير مبرر، خصوصًا أنهم يرون أن المنتسبين الجدد يفتقرون إلى الخبرة الأمنية، مما أدى إلى فشل بعضهم في اختبار الساحل بسبب نقص الكفاءة وغياب التنظيم.
ماذا بعد؟
رغم وعود الأمن العام بتعديل السياسات، فإن ضيق الوقت وشح الموارد دفع كثيرين للانضمام إلى فصائل مسلحة مدعومة خارجيًا، خاصة في ريف حلب الشرقي، مما يزيد تعقيد المشهد الأمني والانقسام.ويبقى السؤال، هل هذه الشروط خطوة لإعادة هيكلة الجيش السوري، أم أداة لإقصاء فئة معينة؟ بين اتهامات التمييز ومخاوف تفكك المؤسسة العسكرية، بات التجنيد في سوريا قضية شائكة تتجاوز كونه التزامًا وطنيًا.