ماذا حدث؟
أعربت عدة شركات أمريكية رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي عن قلقها المتزايد من فقدان الولايات المتحدة تفوقها التكنولوجي لصالح الصين.
جاءت هذه التحذيرات ضمن تقارير رسمية قُدمت للحكومة الأمريكية في مارس 2025، حيث أشارت الشركات إلى تنامي قدرات النماذج الصينية، لا سيما نموذج DeepSeek R1، الذي يتم دعمه حكوميًا في الصين، مما يجعله منافسًا خطيرًا للأنظمة الأمريكية.
أشارت التقارير إلى أن الشركات الصينية مثل Baidu قد أطلقت نماذج قوية مثل Ernie X1 وErnie 4.5، بأسعار تقل كثيرًا عن نظيراتها الأمريكية، حيث يتم تسعير Ernie 4.5 بما يعادل 1% فقط من تكلفة GPT-4.5، مما يضع ضغطًا هائلًا على الشركات الأمريكية لإعادة النظر في استراتيجياتها التسعيرية.
كما أن اتجاه الشركات الصينية إلى إتاحة نماذجها مفتوحة المصدر يزيد من فرص انتشارها عالميًا، وهو ما يشكل تهديدًا لمكانة الولايات المتحدة في هذا المجال.
لماذا هذا مهم؟
التحديات التي تفرضها الهيمنة الصينية على الذكاء الاصطناعي تتجاوز حدود المنافسة الاقتصادية، إذ تحمل تداعيات خطيرة على الأمن القومي الأمريكي.
ترى OpenAI أن الحكومة الصينية قد تستخدم هذه التقنيات في التجسس الرقمي واختراق البنية التحتية الأمريكية، مشبهة خطر DeepSeek بنفس المخاطر التي طرحتها شركة Huawei سابقًا.
من جهة أخرى، حذرت شركة Anthropic من أن نماذج الذكاء الاصطناعي قد تمتلك قدرات تهدد الأمن البيولوجي، حيث كشفت أن نموذجها Claude 3.7 Sonnet أظهر قدرات في تطوير أسلحة بيولوجية، مما يسلط الضوء على المخاطر الثنائية لاستخدامات الذكاء الاصطناعي.
كما أشارت الشركة إلى أن تطوير نماذج متقدمة بحلول عام 2027 سيتطلب طاقة كهربائية ضخمة قد تصل إلى 5 جيجاواط، أي ما يكفي لتشغيل مدينة صغيرة، مما يستوجب استثمارات ضخمة في البنية التحتية للطاقة.
أما Google فقد تبنت موقفًا أكثر حذرًا، إذ حذرت من أن القيود الصارمة على تصدير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي قد تحدّ من قدرة الشركات الأمريكية على المنافسة عالميًا، مشيرةً إلى ضرورة الموازنة بين حماية الأمن القومي وتعزيز القدرة التنافسية للولايات المتحدة.
ماذا بعد؟
تطالب الشركات الأمريكية بضرورة تحرك الحكومة للحفاظ على تفوقها في الذكاء الاصطناعي من خلال:
– وضع إطار تنظيمي موحد تديره وزارة التجارة، لمنع التشتت القانوني بين الولايات المختلفة.
– تعزيز الاستثمارات الفيدرالية في الأبحاث والابتكار، مع تقديم دعم حكومي لشركات الذكاء الاصطناعي المحلية.
– فرض ضوابط تصدير أكثر صرامة على الرقاقات المتقدمة وبيانات التدريب، لمنع الصين من تحقيق تقدم استراتيجي في المجال.
– تحسين بيئة العمل الحكومية من خلال إزالة العقبات البيروقراطية التي تعيق اعتماد الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الفيدرالية.
في ظل السباق المتسارع بين الديمقراطيات والأنظمة السلطوية في الذكاء الاصطناعي، سيكون لسياسات الولايات المتحدة في السنوات القليلة المقبلة دور حاسم في تحديد مستقبل الهيمنة التكنولوجية العالمية، فهل تتمكن أمريكا من استعادة موقعها الريادي، أم أن الصين ستفرض واقعًا جديدًا في عالم الذكاء الاصطناعي؟