ماذا حدث؟
في ديسمبر 2024، صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب ممازحًا لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بأن كندا يجب أن تصبح الولاية الأميركية الـ51.
لكن بعد ثلاثة أشهر، تحول هذا التصريح إلى ما يبدو أنه هدف حقيقي لسياسة الإدارة الأميركية في عهد ترامب، مما أثار موجة غضب واسعة في الأوساط السياسية الكندية.
كان الرد الكندي قاطعًا، إذ أجمعت كافة الأحزاب في البرلمان الكندي على رفض الفكرة بعبارة واضحة: “كندا ليست للبيع”.
ورغم هذا التصعيد، التزم الملك تشارلز، بصفته رأس الدولة الكندية، الصمت في البداية، إلا أنه، في الأسابيع الأخيرة، بدأت تظهر إشارات دعم رمزية لكندا من قبل الملك، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى إمكانية تدخله المباشر في هذا الملف الحساس.
لماذا هذا مهم؟
يعد موقف الملك تشارلز محوريًا لأن دوره، وفقًا للنظام الدستوري البريطاني والكندي، يتمثل في البقاء محايدًا وعدم التدخل في السياسة المباشرة.
منذ عام 1689، كانت بريطانيا وما تبعها من دول الكومنولث تعتمد النظام الملكي الدستوري، حيث يكون الملك رأسًا للدولة لكن السلطة الفعلية بيد رئيس الوزراء.
في ظل هذه القواعد، لا يمكن للملك تشارلز اتخاذ أي موقف سياسي صريح دون الحصول على توجيه رسمي من الحكومة الكندية، وهو ما أكده تصريح سابق لأحد المسؤولين في قصر باكنغهام، حين قال ببساطة: “ليس هذا أمرًا نعلق عليه”.
مع ذلك، فإن رمزية التاج البريطاني لا تزال تحمل تأثيرًا كبيرًا، وقد بدأ الملك في إرسال إشارات دعم واضحة، وإن كانت غير مباشرة.
في 3 مارس، التقى الملك بتردو في قصر ساندرينغهام، وبعدها بيوم واحد، ظهر الملك خلال تفقده لحاملة الطائرات البريطانية HMS Prince of Wales مرتديًا أوسمة كندية، مما اعتُبر رسالة تضامن مع كندا.
ثم في 11 مارس، زرع الملك شجرة القيقب الحمراء في حدائق قصر باكنغهام، وهو رمز وطني كندي، تكريمًا للعلاقات التاريخية بين كندا والكومنولث، كما التقى ممثلين عن مجلس الشيوخ الكندي في 12 مارس، وقدم سيفًا احتفاليًا لأحد كبار المسؤولين في المجلس، في خطوة تحمل دلالة تاريخية.
وفي 17 مارس، اجتمع الملك مع رئيس الوزراء الكندي الجديد، مارك كارني، ضمن جولة دبلوماسية في أوروبا الغربية.
ماذا بعد؟
الإشارات الرمزية التي قدمها الملك تشارلز يمكن اعتبارها شكلاً من أشكال القوة الناعمة، حيث يمكن للعائلة المالكة التأثير في العلاقات الدولية عبر الرموز الثقافية والتواصل الشخصي والدبلوماسية غير المباشرة، ومن المعروف أن مثل هذه التحركات لها تأثير كبير في رسم السياسات والمواقف الدولية.
في المقابل، لا تزال إدارة ترامب تراقب هذه التطورات عن كثب، خصوصًا بعد دعوة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لترامب لزيارة رسمية ثانية إلى المملكة المتحدة.
ورغم أنه لم يتم تحديد موعد لهذه الزيارة، فإن لقاءات الملك مع ترودو والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أزعجت ترامب، وهو ما قد يضيف مزيدًا من التوتر إلى المشهد.