ماذا حدث؟
قبل 24 عامًا، شهد العالم لحظة تاريخية عندما أنهت محطة “مير” السوفيتية رحلتها في الفضاء بطريقة غير مسبوقة، حيث تم إخراجها من المدار وإغراقها بشكل مُتحكم به في مياه المحيط الهادئ. لم يكن مجرد حدث علمي، بل كان وداعًا عاطفيًا لمحطة تركت بصمتها في تاريخ استكشاف الفضاء.
“مير”.. أول محطة فضائية متعددة الوحدات
أُطلقت “مير” إلى المدار في 20 فبراير 1986 بصاروخ “بروتون-ك” من مطار “بايكونور”، كأول محطة تعتمد على التوسع بوحدات إضافية، ما عزز مهامها العلمية واستقبال الرواد. ورغم أن عمرها الافتراضي كان 5 سنوات، بقيت 15 عامًا، استضافت خلالها 104 رواد من 12 دولة ونفذت 28 بعثة فضائية، مما جعلها مختبرًا علميًا متكاملاً.
أرقام قياسية وإنجازات فريدة
حققت “مير” العديد من الأرقام القياسية، أبرزها:
أطول مدة إقامة في الفضاء.
أكبر عدد من عمليات الخروج إلى الفضاء المفتوح.
أول محطة فضائية متعددة الوحدات في التاريخ.
وكانت المحطة بمثابة قاعدة تجريبية للبعثات الطويلة الأمد، حيث ساهمت في فهم تأثير العيش في الفضاء لفترات طويلة على جسم الإنسان، وهو ما شكل أساسًا مهمًا للبعثات المستقبلية، بما فيها بناء محطة الفضاء الدولية (ISS).
لحظة الوداع.. غرق مُتحكم به في المحيط
في 23 مارس 2001، وبعد 15 عامًا من الإنجازات، تقرر إخراج “مير” من المدار بسبب تكاليف صيانتها المرتفعة، خاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي. ولأول مرة، تم التحكم في خروج جسم فضائي بهذا الحجم (140 طنًا)، وُجّه بدقة إلى المحيط الهادئ، حيث احترقت أجزاء منه أثناء دخوله الغلاف الجوي، وسقطت البقية في “مقبرة المركبات الفضائية”.
لماذا هذا مهم؟
بالمقارنة مع المحطات السابقة، مثل سلسلة محطات “ساليوت” التي أطلقها الاتحاد السوفيتي منذ سبعينيات القرن الماضي، كانت “مير” بمثابة قفزة نوعية في مجال استكشاف الفضاء، بفضل تصميمها المبتكر الذي سمح بتوسيعها تدريجيًا وفقًا للاحتياجات العلمية والتكنولوجية.امتدت المحطة على طول 30 مترًا، بينما بلغ إجمالي حجم أقسامها 400 متر مكعب، وكانت مزودة بألواح شمسية بلغت مساحتها 76 مترًا مربعًا، ما وفر لها الطاقة اللازمة لدعم التجارب العلمية والمهمات الطويلة.
ماذا بعد؟
رغم غرقها، تبقى “مير” رمزًا في تاريخ الفضاء، إذ مهدت للمحطات الحديثة وأثبتت قدرة البشر على العيش طويلًا خارجه، مما عزز خطط استكشاف القمر والمريخ. ورغم اختفائها، ستظل محفورة في ذاكرة البشرية كعلامة فارقة في سباق الفضاء.