ماذا حدث؟
في إنجاز طبي قد يُغيّر مستقبل العلاج الجيني، نجح أطباء في بريطانيا في علاج رضيع مصاب بمرض وراثي نادر بتقنية مبتكرة، ما يبعث الأمل لعائلات تواجه هذا الاضطراب. وأصبح الطفل “توماس” (14 شهرًا) أول مريض عالميًا يتلقى علاجًا جينيًا لمرض “عوز الأورنيثين ناقل الكربامويل” (OTC)، الذي يُعيق تخلص الجسم من السموم، مما قد يسبب تلفًا دماغيًا أو الوفاة.
بداية مأساوية تتحول إلى أمل جديد
ظهرت معاناة توماس بعد أيام من ولادته، حيث بدا عليه الإرهاق وعدم الاستجابة، ما أثار قلق والديه. تقول والدته ماريانا: “في أسبوعه الأول، لم يكن يفتح عينيه وأصبح غير مستجيب، فتم نقله إلى المستشفى، لكن الأطباء لم يحددوا المشكلة، ليُحوَّل لاحقًا إلى مستشفى غريت أورموند ستريت بلندن”.
تشخيص قاتل وخيارات محدودة
في المستشفى، اكتشف الأطباء ارتفاعًا خطيرًا في مستوى الأمونيا بدم توماس، ليُشخَّص بمرض “عوز الأورنيثين ناقل الكربامويل” يسبب تراكم السموم بسبب خلل جيني في الكبد، ما قد يؤدي إلى غيبوبة أو تلف دماغي. عادةً، يُعالج المرض بنظام غذائي وأدوية، لكن في الحالات الشديدة كحالته، تكون زراعة الكبد الخيار الوحيد، إلا أن الأطباء لجأوا إلى حل أكثر تطورًا.
لماذا هذا مهم؟
ضمن تجربة “OTC-HOPE”، تلقى توماس علاجًا جينيًا مبتكرًا يُدعى “ECUR-506″، يهدف إلى تصحيح الخلل الجيني في الكبد واستعادة قدرة الجسم على التخلص من السموم. وحُقن العلاج الصيف الماضي، وبعد ستة أشهر، أظهر تحسنًا مذهلًا، إذ لم يعد بحاجة إلى الأدوية أو النظام الغذائي المقيد. والدته وصفت العلاج بـ”المعجزة”، مؤكدة أنه منح طفلها فرصة لحياة طبيعية.
تحول جذري في علاج الأمراض الوراثية
أكد الدكتور جوليان باروتو أن نجاح التجربة يُمثل قفزة في الطب الجيني، مشيرًا إلى أنها أول مرة يُستخدم فيها علاج جيني موجّه للكبد لرضيع. وأعرب عن أمله في أن يصبح بديلاً لزراعة الكبد، كخيار أكثر أمانًا وأقل تعقيدًا للأطفال المصابين.
ماذا بعد؟
قد يمهد هذا النجاح الطريق لاستخدام تقنيات مماثلة لعلاج أمراض جينية أخرى، ليس فقط في الكبد، بل ربما في أعضاء مختلفة. ومع التقدم السريع في العلاج الجيني، يقترب الطب من القضاء على العديد من الأمراض الوراثية التي كانت مستعصية.ما حدث مع توماس ليس مجرد إنجاز طبي، بل خطوة نحو عصر جديد يعيد فيه الطب برمجة الجينات، مانحًا الأطفال المرضى فرصة لحياة طبيعية بعيدًا عن معاناة الأمراض القاتلة.