ماذا حدث؟
أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد، رئيس الحكومة كمال المدوري، وعيّن بديلًا له وزيرة التجهيز والإسكان، سارة الزعفراني الزنزري، لتصبح ثاني امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ تونس. القرار الذي جاء في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، أثار تساؤلات حول أسبابه الحقيقية وتداعياته على المشهد السياسي المضطرب في البلاد.
تغيير حكومي مفاجئ وسط أزمات متفاقمة
ووفقًا لبيان رسمي صادر عن الرئاسة التونسية، فقد تقرر أيضًا تعيين صلاح الزواري وزيرًا جديدًا للتجهيز والإسكان، فيما احتفظ بقية الوزراء بمناصبهم. لم يكن هذا التعديل الأول الذي يجريه سعيّد في حكومته خلال الأشهر الأخيرة، حيث سبق له في فبراير الماضي إقالة وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، وتعيين القاضية مشكاة سلامة الخالدي بدلًا منها، في خطوة وُصفت حينها بأنها إعادة ترتيب للأوراق وسط الضغوط الاقتصادية المتزايدة.
لماذا هذا مهم؟
الرئيس التونسي لم يُخفِ خلال الأسابيع الأخيرة استياءه المتكرر من أداء الحكومة، إذ انتقد علنًا مستوى الخدمات العامة، واصفًا بعض المرافق العمومية بأنها “تُدار من قبل عصابات إجرامية ولوبيات”، في إشارة إلى ما يعتبره تواطؤ بعض المسؤولين مع شبكات الفساد. وقبيل الإقالة، شدد خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي على أن “الوقت قد حان لتحميل المسؤوليات كاملة”، مضيفًا: “يكفي من الخلل ومن التنكيل بالمواطنين”.
من هي سارة الزعفراني الزنزري؟
الزعفراني، التي تولت حقيبة التجهيز والإسكان منذ 2021، تحمل درجة الماجستير في الجيوتقنية، وتجيد أربع لغات، مما يمنحها خلفية قوية في مجالات الإدارة والبنية التحتية. لكنها تواجه الآن تحديًا كبيرًا، حيث تتسلم قيادة الحكومة في ظل وضع اقتصادي هش، حيث لم يتجاوز معدل النمو 1.4% العام الماضي، بالإضافة إلى أزمة مالية خانقة تلقي بظلالها على معيشة التونسيين.
المشهد السياسي يزداد تعقيدًا
ولا تأتي هذه التغييرات في سياق عادي، بل تتزامن مع موجة محاكمات لمعارضين سياسيين، من بينهم رجال أعمال وإعلاميون، ما يعكس تصعيدًا في الصراع السياسي داخل البلاد. كما يواجه سعيّد ضغوطًا دولية متزايدة، وسط انتقادات تتعلق بتراجع الحريات والتضييق على المعارضة.
ماذا بعد؟
إقالة المدوري قد تكون مؤشرًا على توجه سعيّد نحو إحكام قبضته أكثر على الحكومة، خاصة بعد تصريحاته الأخيرة حول “معركة التحرير” وضرورة التصدي “للمؤامرات”. لكن يبقى السؤال الأهم، هل ستنجح رئيسة الحكومة الجديدة في تجاوز الأزمات المتراكمة، أم أن تونس ستشهد مزيدًا من الاضطرابات في الفترة المقبلة؟