حرب الحوثي الدوافع وتأثيرها على غزة

#image_title

كتب / سعود عبدالعزيز

ماذا حدث ؟

بعد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في 1 من شهر مارس، لم تأتي مفاوضات الدوحة بثمارها حتى الآن بين أمريكا وحماس في المقترح الأمريكي الذي طرحه مبعوث ترامب “آدم بوهلر” بالرغم من إجراء تعديلات كثيرة عليه ليتناسب مع مطالبات طرفي النزاع وتقارب وجهات النظر بين حماس واسرائيل إلا أن مبعوث الولايات المتحدة للشرق الأوسط “ويتكوف” لم يكن راضيًا من مجريات المباحثات بحيث حذر حماس من عقوبةٍ ستطالها من الجانب الولايات المتحدة بسبب المماطلة وعدم الالتزام بالجدول الزمني المطروح في المقترح، محذرًا إيها بالمعاقبة من الجانب الأمريكي هذه المرة إذا لم يتم تطبيق ما جاء فيه بشكل فوري. ولم يمر من هذا التحذير سوى ساعات، لتخرج إسرائيل مؤيدةً تصريحات المبعوث الأمريكي مما جعلها فرصة ذهبية لاستعداد الجيش الإسرائيلي بفتح أبواب الجحيم مرة أخرى على قطاع غزة، وفق اتفاق قد جرى بين الدولتين والذي كان مدعومًا من بايدن – وترامب، مما يتيح لإسرائيل باستئناف الحرب في غزة ما إذا راوغت حماس في تسليم الرهائن.

مما زاد الطين بلةً هو التصريحات الحوثية تجاه الإرهاب في الملاحة، في استئناف حظر مرور السفن الإسرائيلية من المناطق الخاضعة تحت سيطرة الحوثي، دعمًا لأهل غزة بزعمهم. لم يأت وعيد الحوثي بخيرٍ إلى غزة وسكانها والهجمات الأخيرة على السفن الأمريكية أثرت سلبًا على المباحثات بين حماس وأمريكا مما جعل الفجوة كبيرة بين الخصمين إسرائيل وحماس بدخول الطرف الثالث وهو الحوثي إلى ساحة النزاع.

فبعد أيام من إعلان المتحدث باسم الحوثي يحيى السريع عن استئناف حظر السفن الاسرائيلية وإثر ضرب ميليشيات الحوثي طائرة مسيرة حربية تابعة للولايات المتحدة الأمريكية قبل أسبوعين من ذلك، اشتعل تنور الحرب مرة أخرى ليخرج ترامب بإعلان الهجوم على الحوثيين في عشرات المناطق في اليمن للقضاء على الإرهاب البحري الذي تمارسه جماعة الحوثي على الملاحة في البحر الأحمر، بحر العرب، مضيق باب المندب وخليج عدن. وأمطر الجانب الأمريكي عشرات المواقع التابعة للحوثي بالصواريخ بحرًا وجوًا أسفرت عن مقتل العشرات وجرح العشرات من بينهم قيادات حوثية ومدنيين أيضًا.

ولم تمر سوى ساعات من رد حماس بالنفي على تحذير ويتكوف ، حتى انهار اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل يوم الثلاثاء 18 مارس، حيث احمرّت سماء غزة بالغارات الجوية التي أسفرت عن مقتل وجرح عشرات الأشخاص. بعد
أن قالت حماس، إن لغة التهديد لاتجدي شيئًأ وتعقد الأمور ولا تخدم تحقيق أهداف الاتفاق، متجاهلةً الجدول الزمني الذي حذر ويتكوف من نفاده.

لماذا هذا مهم ؟

يجب وضع هذا التصعيد غير المسبوق بعين الاعتبارلمعالجة المستجدات بدءًا من معرفة هوية القوى التي تلعب من تحت الطاولة في هذا الملف الحيوي الذي يستهدف أمن الشرق الأوسط بالدرجة الأولى ثم مصالح قوى عالمية كبرى في المنطقة. فلايمكن تجاهل هدف الحوثي الحقيقي من وراء عرقلته مباحثات أمريكا وحماس كما لايمكن تجاهل دور إيران في ذلك. حيث تزامن تصعيد الحوثي مع استعداد ترامب للتفاوض مع إيران في الملف النووي. فإن خطوة استئناف الإرهاب على السفن، لايمكن اعتبارها قرارًا حوثيًأ بل هي ورقة تشترك في تحريكها أيادي كثيرة. أهمها روسيا والصين وإيران غير آبهين بمصير غزة وسكانها القابعين تحت الرماد. ومن جانب تأثيرها العكسي، فقد أدت التهديدات الحوثية إلى قلب الطاولة لصالح نتنياهو بإقناع ترامب باستئناف الحرب في غزة والقضاء على أكبر عدد ممكن من قيادات حماس وعناصرها. فالحرب “نعمة” للصالح الإسرائيلي وليس لصالح إيران وأذرعها التي باتت نحو الشلل شيئًأ فشيئًا.

من جانب آخر، إن هذا التصعيد يضر بالجهود العربية والدولية لوقف إطلاق النار في غزة وعرقلة الطريق نحو إعادة إعمارها، وهذا ما يريده الجانبان: الإسرائيلي والإيراني، بسبب الأيديولوجية التي تتحكم بقرارات كِلا الدولتين.

ماذا بعد ؟
انهار اتفاق وقف إطلاق النار ودخلت الحرب نقطة الجحيم ومرحلة القضاء ولا يستبعد أن يحصل شيء من الهدوء النسبي بعد أن تحقق أمريكا أهدافها باستعادة الأمن في الملاحة، خاصة مع تقارب وجهات النظر بين روسيا وأمريكا حول أوكرانيا، وقد تلعب روسيا دور الوسيط لتهدئة الوضع في اليمن، كما أن أوروبا التي تتحكم بدفة مباحثات النووي الإيراني من المتوقع أن تحرك أجندتها لإنقاذ الموقف. إلا أن الدمار لن يتوقف في غزة والأيام القادمة ستشهد أحداث مشابهة لما حدث لحزب الله والتي جنت ثمار إرهابها في العديد من المناطق وهذا ما سيحصل في المحافظات اليمنية الخاضعة تحت سلاح الحوثي ولن تكون حماس بمعزل عن المشهد.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *