لماذا بدأ الصينيون شراء الزوجات من الخارج؟

#image_title

ماذا حدث؟

تشهد الصين تراجعًا حادًا في معدلات الزواج، حيث تم تسجيل 6.1 مليون حالة زواج فقط في عام 2024، مقارنة بـ7.7 مليون في العام السابق.

هذا الانخفاض دفع المستشار السياسي الوطني الصيني، تشين سونغشي، إلى اقتراح خفض سن الزواج القانوني من 22 إلى 18 عامًا، في محاولة لمواجهة الظاهرة.

تعود أسباب هذا التراجع إلى ضغوط اقتصادية متزايدة وتغيرات اجتماعية عميقة، أبرزها رفض النساء الصينيات، خاصة في المدن الكبرى، للقيود التقليدية التي تربط بين الزواج والإنجاب كأهداف أساسية في الحياة.

وتفاقم الوضع بسبب الخلل الديموغرافي الناجم عن سياسة الطفل الواحد التي انتهجتها الصين لعقود، والتي أسهمت في تفضيل إنجاب الذكور على الإناث.

ففي ذروة هذه السياسة أوائل الألفية، وصل معدل الولادات إلى 121 صبيًا مقابل كل 100 فتاة، وبلغت النسبة في بعض المقاطعات أكثر من 130 صبيًا لكل 100 فتاة.

هذه الفجوة الديموغرافية خلفت وراءها جيلًا من “الرجال المتروكين” الذين يصعب عليهم العثور على زوجات، حيث تشير التقديرات إلى أن ما بين 30 و50 مليون رجل صيني سيبقون بلا زواج حتى عام 2050.

لماذا هذا مهم؟

في ظل هذا العجز الحاد، لجأ العديد من الرجال الصينيين إلى “شراء” زوجات أجنبيات، خاصة من دول جنوب شرق آسيا المجاورة مثل ميانمار وفيتنام.

ووفقًا لتقارير حقوقية، تنتشر شبكات غير قانونية تستغل النساء والفتيات تحت وعود بفرص عمل في الصين، ليجدن أنفسهن في قبضة سماسرة يبيعونهن مقابل مبالغ تتراوح بين 3,000 و13,000 دولار أمريكي.

تضاعفت خطورة الوضع مع تزايد معدلات الجرائم المرتبطة بهذه الظاهرة، بما في ذلك تزويج القاصرات والاتجار بالبشر.

منظمة “هيومن رايتس ووتش” أكدت في تقرير لها عام 2019 أن الحدود المفتوحة وضعف استجابة السلطات في الصين والدول المجاورة ساهمت في ازدهار هذه الشبكات.

كما سلط الفيلم الوثائقي الحائز على جوائز “المرأة من ميانمار” الضوء على قصص مؤلمة لفتيات تم بيعهن قسرًا للزواج في الصين، ليكشف عن معاناة حقيقية تتجاوز التجارة لتصل إلى الانتهاكات الجسدية والنفسية.

ماذا بعد؟

تحركت السلطات الصينية في مارس 2024 عبر إطلاق حملة أمنية لمكافحة الاتجار بالنساء والأطفال، داعية إلى تعزيز التعاون الدولي لمواجهة هذه الظاهرة.

كما صعدت تحذيراتها من الوقوع في فخ “جولات الزواج” التي تستهدف الرجال الباحثين عن زوجات أجنبيات، خاصة بعد اكتشاف عمليات احتيال قامت بها بعض النساء اللاتي هربن بالأموال قبل إتمام عقود الزواج.

ورغم الجهود الأمنية، إلا أن المشكلة تحمل في طياتها تهديدًا أكبر للاستقرار الاجتماعي، خاصة مع ارتفاع معدلات الجريمة المرتبطة بعدم توازن الجنسين.

بحسب دراسات أكاديمية، ساهم هذا الخلل بنسبة 14% في زيادة معدلات الجريمة في الصين منذ منتصف التسعينيات، بينما تُظهر الأبحاث في الهند أن زيادة نسبة الذكور تؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في معدلات التحرش والعنف.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *