ماذا حدث؟
اندلعت موجة عنف مفاجئة على الحدود اللبنانية السورية، حيث تحولت الحدود إلى ساحة اشتباكات مفتوحة بين الجيشين اللبناني والسوري.
بدأت الأحداث بسقوط ثلاثة جنود سوريين إثر عملية غامضة قرب منطقة القصر الحدودية – الهرمل، وفقًا لما أعلنه الجيش اللبناني في بيان رسمي.
وأشار الجيش إلى أن الجنود السوريين قُتلوا وأصيب رابع تم نقله إلى المستشفى، لكنه توفي لاحقًا متأثرًا بجراحه.
وفي أعقاب الحادثة، قامت وحدات من الجيش السوري بقصف بلدات لبنانية حدودية، مما استدعى ردًا مباشرًا من الجيش اللبناني الذي قصف مصادر النيران داخل الأراضي السورية.
الحدث الميداني تزامن مع إعلان وزارة الدفاع السورية أن حزب الله نصب كمينًا قرب سد زيتا في ريف حمص، حيث أسر ثلاثة جنود سوريين واقتادتهم إلى الجانب اللبناني قبل تصفيتهم ميدانيًا، مما اعتبرته دمشق تصعيدًا خطيرًا يستوجب الرد.
لماذا هذا مهم؟
تكمن خطورة هذا التصعيد في السياق الإقليمي المتوتر بعد سقوط نظام بشار الأسد قبل ثلاثة أشهر، الأمر الذي غيّر التوازنات بين حزب الله والدولة السورية الجديدة التي لا تبدو أنها ستحافظ على العلاقات الوثيقة التي طالما جمعت دمشق بحزب الله، إذ لطالما شكل نظام الأسد العمق الاستراتيجي للحزب، ومدّه بالأسلحة والتمويل، ومع انهيار هذا الحليف، وجد حزب الله نفسه أمام مرحلة غير مسبوقة من العزلة والتحديات الأمنية.
الحادثة تسلط الضوء أيضًا على هشاشة الوضع الأمني في منطقة البقاع اللبنانية، حيث تنشط عمليات التهريب على نطاق واسع، مستغلة الطبيعة الجغرافية الوعرة وغياب الحواجز الأمنية على امتداد الشريط الحدودي، من القلمون السورية حتى بلدة عرسال اللبنانية.
وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الكمين الذي أودى بحياة الجنود السوريين ربما كان جزءًا من صراع بين مسلحين محليين ومهربين ينتمون لعشائر لبنانية، فيما اتهمت دمشق بشكل مباشر عناصر من حزب الله بالوقوف خلف الحادث.
ماذا بعد؟
رغم أن الجيش اللبناني أعلن أن الهدوء عاد نسبيًا إلى المنطقة الحدودية، إلا أن المعطيات على الأرض تنذر بإمكانية تجدد المواجهات، خاصة في ظل التهديدات التي أطلقتها وزارة الدفاع السورية باتخاذ “إجراءات تصعيدية” للرد على ما وصفته بـ”الاعتداء الصارخ”.
من جهته، دخل الجيش اللبناني في سلسلة اتصالات مع الجانب السوري في محاولة لاحتواء الأزمة وضبط الحدود، وهو ما أكده البيان الرسمي الذي شدد على أهمية الحفاظ على الاستقرار.
وفي خلفية المشهد، لا تزال الحدود اللبنانية السورية نقطة ساخنة لنشاطات غير قانونية تمتد من تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية المسروقة إلى لبنان، وصولاً إلى تفكيك وبيع الآليات الثقيلة والبنى التحتية التابعة للحكومة السورية السابقة، بحسب مصادر من المرصد.
الأسئلة الكبرى المطروحة اليوم تتمحور حول كيفية تعامل حزب الله مع فقدان الدعم السوري، خاصة في ظل الانكشاف الأمني والتحديات السياسية التي يواجهها على الساحة اللبنانية. كما يبقى احتمال تصاعد التوتر قائمًا، لا سيما في ظل ضعف التنسيق الأمني بين الطرفين، ووجود قوى إقليمية قد تجد في هذا الانفجار الأمني فرصة لإعادة رسم خطوط النفوذ على الحدود المضطربة.
المنطقة تعيش على صفيح ساخن، وتبقى احتمالية تكرار هذه المشاهد في الأيام القادمة واردة، في ظل غياب أي بوادر حقيقية لتسوية أمنية أو سياسية شاملة بين بيروت ودمشق، أو بين حزب الله والسلطة الجديدة في سوريا.