هل تصبح السعودية وسيطًا للتفاوض بين الولايات المتحدة وإيران؟

#image_title

ماذا حدث؟

وسط تصاعد التوترات الدولية، برزت المملكة العربية السعودية كلاعب رئيسي في الوساطة الدبلوماسية بين القوى الكبرى.

بالرغم من بعدها الجغرافي عن أوكرانيا، استضافت الرياض مؤخرًا مفاوضات حاسمة لوقف إطلاق النار في الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تعدّ الأكثر تقدمًا منذ بداية النزاع قبل ثلاث سنوات. وفي 10 مارس 2025، التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى جانب وفد أميركي رفيع المستوى بقيادة وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز.

وفي اليوم التالي، سهلت السعودية اجتماعات مباشرة بين المسؤولين الأوكرانيين والأميركيين، ما أسفر عن اتفاق يجري حاليًا دراسته في موسكو. هذا الاتفاق يكتسب أهمية خاصة بعد فشل المفاوضات في البيت الأبيض بين زيلينسكي والرئيس الأميركي دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس.

لماذا هذا مهم؟

تنامي دور السعودية كوسيط دولي لم يأتِ من فراغ، بل يعكس تحوّلًا جوهريًا في سياستها الخارجية منذ عام 2022، فبعد سنوات من اتخاذ مواقف حادة إزاء قضايا المنطقة، بدأت الرياض في تبني نهج دبلوماسي أكثر توازناً، شمل جهود وساطة في النزاعات الإقليمية مثل غزة والسودان، وكذلك تقاربًا تدريجيًا مع إيران.

علاوة على ذلك، يعزز تُظهر استضافة محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا أن السعودية لم تعد مجرد لاعب إقليمي، بل قوة دبلوماسية مؤثرة تسعى لإعادة تموضعها عالميًا.

وعلى صعيد آخر، فإن نجاح السعودية في تسهيل المحادثات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا قد يمهد الطريق لمشاركتها في مفاوضات أكثر تعقيدًا، مثل إعادة إحياء الحوار بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي.

الرياض التي كانت مستبعدة من الاتفاق النووي الإيراني عام 2016 قد تسعى الآن للحصول على “مقعد على الطاولة”، خاصة في ظل رغبة إدارة ترامب في استكشاف فرص جديدة لمحادثات مع إيران.

ماذا بعد؟

مع تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبوله المبدئي لوقف إطلاق النار المقترح، فإن نجاح الرياض في استكمال هذه الوساطة قد يدفعها نحو دور أكبر في تسوية النزاعات الدولية. ويبدو أن إدارة ترامب التي تحتاج إلى منصة محايدة لمفاوضاتها الكبرى، ترى في السعودية وسيطًا مناسبًا ليس فقط في الملف الأوكراني، بل ربما في المحادثات المستقبلية مع إيران.

في هذا السياق، يبدو أن السعودية تستعد لمزيد من الانخراط في الدبلوماسية الدولية، إذ قد تستغل نجاحها في الوساطة بين واشنطن وموسكو لتعزيز موقعها في أي مفاوضات أميركية-إيرانية مرتقبة، لكن هذا التحرك قد يكون محفوفًا بالمخاطر، نظرًا للتعقيدات التاريخية بين السعودية وإيران، والضغوط المتزايدة من القوى الإقليمية والدولية.

في نهاية المطاف، إذا نجحت السعودية في الجمع بين الولايات المتحدة وإيران على طاولة واحدة، فقد يعزز ذلك مكانتها كقوة دبلوماسية لا يُستهان بها، مما يمنحها تأثيرًا غير مسبوق في مستقبل الأمن الإقليمي والدولي.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *