سوريا الجديدة والتحديات بين الاحتواء والتقسيم

#image_title

كتب / سعود عبدالعزيز

ماذا حدث ؟

منذ تشكيل الحكومة الانتقالية في سوريا برئاسة أحمد الشرع وما زالت الانقسامات تظهر بين الحين والآخر، فتارة من جانب كردي وتارة من جانب درزي وتارة من الجانب العلوي لأسباب مختلفة أهمها الشك بمصداقية الحكم تحت عباءة جماعات متطرفة أخذت مقاليد الحكم وأبرز تلك الجماعات، أفراد من قادة جبهة النصرة والقاعدة والإخوان المسلمين وجماعات إرهابية أخرى.

فالأكراد المتمثلون بقوات سوريا الديمقراطية برئاسة مظلوم عبدي، وجدوا الفرصة للانقسام كمكوّن كردي يطالب بحقوقه السياسية وغيرها، فلم يخرج اختلافهم مع الشرع دون ضحايا في المناطق التي يسيطرون عليها، حتى انتهى النزاع بينهم وبين الحكومة السورية باتفاق تم في 11 من شهر مارس، والذي يقضي بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية ضمن إطار الدولة السورية، ومايزال يواجه تحديات أبرزها تطبيق ذلك الاتفاق.

ولم يتجاهل الدروز، ماضي قيادات الحكومة الجديدة ووجهها المتطرف فلم يطمئنوا للشرع بسبب الاختلاف الطائفي بينهم وبين جوهر حكومته مما يهدد بقاءهم، حتى دخلت إسرائيل الخط سياسيًا وميدانيًا بهدف حمايتهم من أي تهديد قادم وامتدت في أماكن تواجد الدروز. مما جعل رئيس الفترة الانتقالية بسوريا، يقوم بالتحرك الجدّي لعقد اتفاق بين الحكومة السورية وطائفة الدروز التي يرأسها الشيخ حكمت الهجري، مجموعة من الوجهاء الدروز وحركة “الكرامة” الدرزية المتمثلة بالشيخ ليث البلعوس. وينص الاتفاق على تفعيل الأمن بمحافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية بتجنيد شباب المحافظة ضمن وزارة الدفاع وانخراط المكون الدرزي ضمن مؤسسات الإدارة السورية الجديدة.

أما الجانب العلوي فهم يرون في حكومة الشرع، مجموعات تطلب بالثأر منهم لِما كان لهم من سطوة في زمن نظام الأسد بمرحلتيه المتمثلتين بسم الأب والابن. فمنذ السادس من مارس قد شهدت سوريا أحداث مروعة في الساحل السوري الذي تسكنه الغالبية العلوية. فقد أدت أعمال عنف وقتل وتهجير للمكون العلوي بلغ القتل خلالها أكثر من 1300 شخص حتى الآن وقد تتزايد أعداد القتلى بعد الانتهاء من توثيق وإحصاء الجثث المتبقية، دون معرفة الجهات المسؤولة والقائمين بهذه المجازر التي تحصل. بالرغم من تشكيل لجنة تقصي من “الشرع” لتقصي الأحداث ومحاسبة الجناة.

لماذا هذا مهم ؟

هذا التصعيد في الساحل السوري غير مسبوق ويجعل الحكومة الجديدة المؤقتة تحت ضغطين خارجي وداخلي في مواجهة التحديات الأمنية الجدّية، مما يجعلنا نفترض سيناريوهين للأيام القادمة:

الأول: أن الأمن السوري مع التطور الحاصل فيه بشكيل وزارة دفاع سورية وطنية تضم كافة أطياف سوريا ومكوناتها، سيجعل الإدارة السورية في تحديات خطيرة في ضبط الأوضاع والأخذ بزمام الأمور، والحفاظ على اللحمة الوطنية وتشكيل الدولة المبنية على القوة وعلى البناء المؤسساتي المتين.

الثاني: ستبقى الانقسامات جارية خاصة أن ما يدعمها سياسيًا وعسكريًا ومادياً، دول أخرى بهدف مساعدة الأقليات وذرائع أخرى على سبيل المثال، دعم إسرائيل للدروز كأقلية مظلومة، وقوف إيران وعصاباتها في المنطقة كحزب الله الإرهابية وحماس والميليشيات العراقية ودعمهم للعلويين كأقلية شيعية، والأكراد الذين يعتبرون أيضًا أقليه لها حقوق تطالب بها.

إذن لا يمكن اعتبار ما يحدث الآن على أنه مرحلة طبيعية خاصة وأن هنالك دول تسعى إلى زعزعة الاستقرار في سوريا لضمان أمنها وحدودها المشتركة بينها وبين سوريا مثل إسرائيل،العراق ولبنان والجماعات الإيرانية المتطرفة الخاضعة لإرادة الجانب الإيراني مما يرفع سقف التحديات التي تواجهها سوريا الجديدة في توحيدة الراية الوطنية السورية.

ماذا بعد؟
لا شك أن هناك مطامع خارجية تجاه أمن واستقرار سوريا وتأتي هذه المطامع من دول تسعى لتقسيم سوريا وأخرى لاحتوائها والتحكم بالشرع وتقديمه كنموذج للإسلام السياسي مثل تركيا وقطر وآخرين بدعمهم مجموعات من الإخوان المسلمين الإرهابية لبسط الهيمنة على الخليج العربي بل العالم العربي أجمع، مما يهدد الأمن القومي العربي في مصر، الأردن ودول الخليج العربي، فهل سوف يخرج أحمد الشرع من كل هذه التحديات وينسلخ من العباءة التركية الإخوانية، ويدخل البيت العربي كعضو فاعل في الجامعة العربية والأمن القومي العربي، أم أن القرار سيكون صعبًا؟
إن اتمام الاتفاقيات المبرمة بين الحكومة والأقليات، أمر هام للوحدة الوطنية ولكن الحفاظ على تلك الاتفاقيات، هو التحدي الأكبر.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *