ماذا حدث؟
تعيش تونس على وقع أزمة سياسية واجتماعية متصاعدة، وسط تحذيرات متزايدة من انفجار اجتماعي وشيك في ظل التراجع الحاد في الحريات وتفاقم المشكلات الاقتصادية.
آخر هذه التحذيرات جاءت على لسان مدير الديوان الرئاسي السابق، عماد الدايمي، الذي أشار إلى أن البلاد تقف على حافة هاوية خطيرة نتيجة ممارسات النظام الحالي.
منذ 25 يوليو 2021، شهدت تونس تحولات دراماتيكية على الساحة السياسية، حيث بدأت حملة موسعة من الاعتقالات طالت معارضين بارزين وصحفيين وحقوقيين، ما أدى إلى مغادرة العديد من الشخصيات السياسية إلى الخارج لمواصلة نشاطهم المعارض من هناك.
من بين هؤلاء، الدايمي، الذي مُنع من الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2024، وقرر إطلاق مشروع سياسي جديد تحت شعار “التغيير الهادئ والمسؤول”، بهدف تقديم رؤية بديلة تعيد الثقة إلى المشهد السياسي التونسي.
لماذا هذا مهم؟
التحذير من انفجار اجتماعي ليس مجرد تكهنات سياسية، بل هو استشراف قائم على مؤشرات ملموسة.
تصاعد موجات الغضب الشعبي، وتزايد حالات الانتحار والعنف في الملاعب، إلى جانب الاحتجاجات الاجتماعية المتفرقة، كلها تؤكد أن الشارع التونسي يغلي تحت ضغط الأزمات الاقتصادية والسياسية.
الوضع أصبح أكثر تعقيدًا مع إقرار قانون جديد للشيكات، أدى إلى شلّ الحركة الاقتصادية وإفلاس مئات الشركات الصغيرة، ما زاد من معاناة المواطنين.
علاوة على ذلك، فإن المعارضة السياسية في الخارج، رغم تشتتها النسبي، تثير قلق النظام التونسي الذي يرى فيها تهديدًا مباشرًا لسلطته.
قيس سعيد، الذي يواجه انتقادات داخلية وخارجية حادة، يتبنى خطابًا يعتبر فيه معارضيه “خونة” و”عملاء للخارج”، في محاولة لصرف الأنظار عن الإخفاقات الاقتصادية والسياسية المتراكمة.
في ظل هذه الأوضاع، تتحول تونس إلى دولة أكثر انغلاقًا على المستوى السياسي والدبلوماسي، مما يعزز عزلتها الإقليمية والدولية.
ماذا بعد؟
السيناريوهات المحتملة لمستقبل تونس تظل مفتوحة على أكثر من احتمال، لكن الاتجاه الحالي ينذر بمزيد من الاحتقان والتدهور.
يرى الدايمي أن الحل للخروج من الأزمة يستدعي تشكيل حراك مدني وشعبي واسع، مدعومًا بقوى سياسية وحقوقية، للضغط على السلطة من أجل إيقاف القمع وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإعادة المسار الديمقراطي من خلال انتخابات نزيهة وشفافة، غير أن هذا الطرح يبدو صعب التحقيق في ظل تعنت السلطة الحالية، التي ترفض أي حوار حقيقي مع المعارضة.
في حال استمرار هذا النهج، فإن تونس قد تكون على موعد مع انفجار اجتماعي غير مسبوق، قد يعيد تشكيل المشهد السياسي بشكل جذري.