ماذا حدث؟
في تحول مفاجئ للأحداث، أعلنت الولايات المتحدة أن أوكرانيا وافقت على اقتراح وقف إطلاق النار مع روسيا لمدة 30 يومًا، وهو ما قد يكون الخطوة الأولى نحو إنهاء حرب استمرت ثلاث سنوات.
الإعلان جاء عقب محادثات سلام استضافتها السعودية، حيث سافر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في 10 مارس، في محاولة لإعادة تموضع أوكرانيا على الساحة الدولية بعد توتر علاقته مع واشنطن.
الموقف الأمريكي المتغير جاء بعد لقاء مشحون جمع زيلينسكي بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس في البيت الأبيض.
الاجتماع لم يكن سوى ساحة لمواجهة حادة، حيث تعرض زيلينسكي لهجوم لفظي قاسٍ من ترامب وفانس، قبل أن ينتهي اللقاء بشكل مفاجئ، ما دفع البعض للتساؤل حول تداعياته على مستقبل الدعم الأمريكي لأوكرانيا.
لماذا هذا مهم؟
يُشكل هذا التطور نقطة تحول ليس فقط في الصراع الأوكراني-الروسي، بل أيضًا في ديناميكيات السياسة العالمية، خاصة مع دخول أوروبا على خط المواجهة لدعم أوكرانيا بعد التوتر بين كييف وواشنطن.
ترامب، الذي وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة، بدا مترددًا في دعم أوكرانيا، ما دفع زيلينسكي للبحث عن بدائل استراتيجية.
وعلى الرغم من تجميد ترامب للمساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا في 3 مارس، ثم إيقاف مشاركة المعلومات الاستخباراتية بعد يومين، إلا أن موافقة كييف على وقف إطلاق النار دفعت واشنطن لإعادة النظر في موقفها، ما يُظهر أن زيلينسكي لا يزال قادرًا على المناورة سياسيًا رغم الضغوط الأمريكية.
في الوقت ذاته، أوروبا بدأت تملأ الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة، حيث أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن برنامج ضخم بقيمة 800 مليار يورو لتعزيز القدرات الدفاعية لدول الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن جزءًا من هذا الدعم سيذهب لتعزيز القدرات الأوكرانية.
ماذا بعد؟
مع تحول دفة الدعم نحو أوروبا، يبدو أن زيلينسكي قد نجح في تأمين بدائل استراتيجية بعيدًا عن واشنطن، الأمر الذي قد يُعيد تشكيل موازين القوى في الحرب ضد روسيا.
فبينما تسعى كييف لتعزيز شراكاتها الأوروبية، تتراجع واشنطن إلى موقع المراقب، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى تأثير ذلك على المفاوضات المستقبلية مع موسكو.
ومع وضع روسيا في موقف صعب، حيث تعاني من تراجع اقتصادي نتيجة العقوبات واستنزاف قدراتها العسكرية، قد تجد موسكو نفسها مضطرة للتعامل مع مقترح الهدنة بحذر.
زيلينسكي، الذي بدا وكأنه الطرف الأضعف في المواجهة مع ترامب، استطاع أن يحوّل الأزمة إلى فرصة لتعزيز مكانته على الساحة الدولية، ومع تحركه السريع لاحتواء تداعيات لقائه الفاشل مع ترامب عبر توثيق علاقاته مع الاتحاد الأوروبي، قد يكون الرئيس الأوكراني قد تفوق سياسيًا على نظيره الأمريكي في هذه الجولة، ليعيد تشكيل قواعد اللعبة بما يخدم مصلحة بلاده.