هل يستغل إيلون ماسك بيانات الحكومة لتعزيز الذكاء الاصطناعي؟

#image_title

ماذا حدث؟

كشفت تقارير حديثة أن إدارة كفاءة الحكومة (DOGE) حصلت على وصول غير مسبوق إلى سبعة قواعد بيانات حساسة تابعة للحكومة الفيدرالية الأمريكية، بما في ذلك بيانات مصلحة الضرائب وإدارة الضمان الاجتماعي.

هذه الخطوة أثارت مخاوف كبيرة تتعلق بأمن المعلومات وانتهاك الخصوصية، لكن الأخطر من ذلك هو احتمال استخدام هذه البيانات في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تطورها شركات خاصة، لا سيما تلك التي يملكها إيلون ماسك.

وعلى الرغم من نفي البيت الأبيض أن تكون هذه البيانات قد استُخدمت لصالح شركة “xAI” التابعة لماسك، فإن الأدلة تشير إلى وجود صلات مباشرة بين DOGE وبعض موظفي شركات ماسك، حيث يعمل بعضهم في مواقع مزدوجة داخل الوكالات الفيدرالية، ما يفتح الباب أمام احتمالية تسريب هذه البيانات بطرق غير رسمية.

في إدارة الطيران الفيدرالية، على سبيل المثال، يتمتع موظفو “سبيس إكس” بعناوين بريد إلكتروني حكومية، وهو ما يثير تساؤلات حول إمكانية انتقال البيانات من المؤسسات الحكومية إلى الشركات الخاصة.

وعند سؤال روبوت “Grok AI” التابع لشركة xAI حول استخدامه لمثل هذه البيانات، لم يقدم إجابة واضحة، مما زاد من الشكوك حول وجود استغلال فعلي لهذه المعلومات.

لماذا هذا مهم؟

تمثل هذه البيانات “الكأس المقدسة” لمطوري الذكاء الاصطناعي، فهي لا تشبه البيانات التي يتم جمعها من الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، بل تتضمن معلومات موثوقة عن سلوك الأفراد عبر فترات طويلة من الزمن.

على سبيل المثال، تحتوي سجلات “ميديكير” و”ميديكيد” على بيانات دقيقة حول الرعاية الصحية ونتائج العلاجات، بينما تقدم بيانات وزارة الخزانة نظرة تفصيلية حول تدفق الأموال عبر الاقتصاد الأمريكي.

الذكاء الاصطناعي الحالي يعاني من مشكلات تتعلق بعدم دقة البيانات التي يعتمد عليها، حيث تُستمد غالبًا من الإنترنت، مما يجعله عرضة للخطأ، لكن إذا تم تدريبه على بيانات حكومية موثوقة، فسيصبح قادرًا على تحليل تأثير السياسات العامة بشكل دقيق، والتنبؤ بالتغيرات الاقتصادية، وحتى توجيه الأسواق المالية.

هذا يمنح الشركات التي تمتلك مثل هذه البيانات ميزة غير عادلة في عالم الذكاء الاصطناعي، ما يجعلها تتفوق على المنافسين بفارق زمني كبير.

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن مثل هذه الأنظمة قد تُستخدم ليس فقط لتحليل البيانات، ولكن أيضًا للتأثير على القرارات السياسية والتلاعب بالرأي العام، فإذا امتلكت شركة خاصة مثل “xAI” قدرة تحليلية فائقة تستند إلى بيانات حكومية ضخمة، فقد تصبح طرفًا أساسيًا في توجيه السياسات العامة وحتى الانتخابات، وهو ما قد يمثل تهديدًا جوهريًا للديمقراطية.

ماذا بعد؟

في ظل هذه التطورات، من المتوقع أن تواجه “xAI” وإيلون ماسك تدقيقًا حكوميًا متزايدًا، حيث ستتصاعد المطالب بفرض ضوابط أكثر صرامة على كيفية استخدام البيانات الحكومية في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يعني أننا قد نشهد تشريعات جديدة تُجبر الشركات الخاصة على الكشف عن مصادر بياناتها والتأكد من عدم استخدامها بطرق غير مشروعة.

لكن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية الأمن القومي والخصوصية الفردية، فإذا استمرت الشركات الكبرى في الوصول إلى مثل هذه البيانات دون رقابة واضحة، فقد تتحول أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى أدوات احتكارية تُستخدم لتعزيز النفوذ الاقتصادي والسياسي للشركات المالكة لها.

ومع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات الحاسمة، سيصبح التحكم في البيانات الحكومية مسألة أمن قومي بامتياز. وإذا لم يتم وضع ضوابط صارمة اليوم، فقد نجد أنفسنا أمام عالم تتحكم فيه شركات التكنولوجيا العملاقة ليس فقط في الأسواق، بل في كيفية إدارة الدول وصنع القرارات الكبرى.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *