ماذا حدث؟
في خطوة مفاجئة، أوقفت السلطات السورية اللواء إبراهيم حويجة، الرئيس السابق للمخابرات، بتهمة اغتيال كمال جنبلاط، بعد 48 عامًا على الحادثة. ويأتي هذا التطور قبيل ذكراها السنوية، ليعيد فتح أحد أبرز ملفات الاغتيال في لبنان.
كمال جنبلاط.. زعيم بحجم وطن
يُعد كمال جنبلاط شخصية استثنائية في السياسة اللبنانية، إذ جمع بين النضال السياسي والاجتماعي والفكر الفلسفي، ما جعله من القادة الأكثر تأثيرًا. وعُرف بمواقفه الجريئة، ودعمه للقضية الفلسطينية، ورفضه للأنظمة القمعية، مما وضعه في مواجهة مع القوى الإقليمية، خاصة النظام السوري.
النشأة والمسيرة المبكرة
وُلد كمال جنبلاط في 6 ديسمبر 1917 في المختارة، معقل الزعامة الجنبلاطية. وينحدر من أصول كردية ويُعتقد أن أجداده قدموا في عهد الأيوبيين. فقد والده اغتيالًا عام 1921 فتولت والدته نظيرة تربيته. وتلقى تعليمه أولًا على يد مربية خاصة، ثم في معهد عينطورة، حيث برع في الرياضيات والعلوم واهتم بالأدب والشعر بالعربية والفرنسية.
التعليم والتكوين الفكري
رغم ميله للعلوم، درس الحقوق بناءً على رغبة والدته، فالتحق بالسوربون عام 1937 ونال شهادات في علم النفس والاجتماع والتربية. وعاد إلى لبنان خلال الحرب العالمية الثانية وأكمل دراسته في جامعة القديس يوسف، متخرجًا بالحقوق عام 1940. وتأثر بالفكر الاجتماعي والفلسفات الشرقية، ما صقل رؤيته السياسية والاجتماعية.
الانخراط في السياسة وتأسيس الحزب التقدمي الاشتراكي
دخل جنبلاط السياسة بعد وفاة ابن عمه حكمت جنبلاط عام 1943، وأسّس عام 1949 الحزب التقدمي الاشتراكي، داعيًا للعدالة الاجتماعية ورفض الطائفية. وانتُخب نائبًا عام 1951، وتولى وزارات عدة، منها الداخلية (1951)، والتربية (1960)، والأشغال (1961).
المواجهة مع النظام السوري
دعم جنبلاط القضية الفلسطينية وواجه النظام السوري. وخلال الحرب الأهلية (1975-1990)، قاد الحركة الوطنية ضد الجبهة اللبنانية المسيحية. ولكن رفضه الهيمنة السورية، خاصة دخول الجيش عام 1976، جعله هدفًا للانتقام.
الاغتيال الذي غيّر لبنان
وفي 16 مارس 1977، تعرض كمال جنبلاط لكمين مسلح في الشوف أثناء توجهه إلى بيروت، فقُتل مع مرافقيه. وجاء اغتياله وسط تصاعد النفوذ السوري في لبنان، مما أثار غضب أنصاره وأشعل اشتباكات طائفية زادت تعقيد الحرب الأهلية.
ماذا بعد؟
اعتقال دمشق لإبراهيم حويجة، المتهم باغتيال كمال جنبلاط، يعيد فتح هذا الملف مجددًا.فهل هي خطوة نحو كشف الحقيقة أم ورقة سياسية في توقيت حساس؟ يبقى الجدل مفتوحًا، لكن جنبلاط يظل رمزًا لنضال لا يزال حاضرًا في تاريخ لبنان.