هل تستطيع أوروبا حماية أوكرانيا بعد وقف المساعدات الأمريكية؟

#image_title

ماذا حدث؟

في خطوة مفاجئة وصادمة للمجتمع الدولي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن وقف شحنات المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، بعد جدال حاد في البيت الأبيض مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلنسكي.

جاء هذا القرار عقب سلسلة من الاجتماعات الأمنية العليا التي عقدها ترامب، حيث قرر تعليق الدعم حتى يلتزم زيلنسكي بالسعي إلى محادثات سلام، ما يفرض على أوكرانيا خيارًا صعبًا بين الاستمرار في القتال أو الرضوخ للضغوط الأمريكية.

وبحسب مسؤول في البيت الأبيض، فإن “الرئيس واضح في أنه يسعى إلى السلام، ويحتاج إلى أن يكون شركاؤه ملتزمين بهذا الهدف أيضاً”، وهو ما يفسر هذه الخطوة التصعيدية تجاه كييف.

إلا أن هذا القرار قد يحمل تداعيات خطيرة على قدرة أوكرانيا على الصمود في ساحة المعركة، خصوصاً أن الأسلحة الأمريكية المتطورة مثل صواريخ ATACMS البعيدة المدى، التي كانت تمكن كييف من توجيه ضربات داخل الأراضي الروسية، ستتوقف عن الوصول.

لماذا هذا مهم؟

هذا التحول في السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا يمثل لحظة فارقة في الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات. فمع غياب الدعم العسكري الأمريكي، قد تجد أوكرانيا نفسها في موقف ضعف استراتيجي، وهو ما يمنح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فرصة لتعزيز موقفه العسكري والسياسي.

صرح المحلل العسكري مارك كانسيان بأن “القرار سيترك تأثيرًا مدمرًا، فبمجرد أن تنخفض الإمدادات، ستتأثر الخطوط الأمامية، مما قد يؤدي إلى انهيارها في نهاية المطاف وإجبار أوكرانيا على قبول تسوية سلام غير مواتية”.

الأمر لا يقتصر على الساحة العسكرية فقط، بل يمتد إلى تداعيات دبلوماسية كبرى، حيث أظهر القرار انقسامًا داخل الأوساط السياسية الأمريكية، إذ أيد بعض الجمهوريين قرار ترامب، معتبرين أن “دافعي الضرائب الأمريكيين تعبوا من تمويل حرب لا نهاية لها”، بينما اعتبر آخرون، مثل السيناتورة الجمهورية سوزان كولينز، أن هذه الخطوة تشكل خطرًا على المصالح الأمريكية، إذ أن “بوتين لن يتوقف عند أوكرانيا”.

وعلى الجانب الأوروبي، أثارت الخطوة الأمريكية مخاوف من تخلي واشنطن عن حلفائها، ما دفع بريطانيا وفرنسا إلى عقد قمة طارئة لمناقشة تبعات القرار وطرح مقترحات لدعم أوكرانيا، تضمنت هدنة جزئية وتحالفًا دفاعيًا جديدًا لحماية أي اتفاق سلام مستقبلي.

ماذا بعد؟

مع تزايد الشكوك حول إمكانية استمرار الدعم الأمريكي، تواجه أوروبا اختبارًا حقيقيًا لقدرتها على حماية أوكرانيا من التفوق العسكري الروسي.

ورغم التصريحات الأوروبية المتعاقبة حول ضرورة تعزيز القدرات الدفاعية، يواجه الاتحاد الأوروبي قيودًا فعلية، أبرزها نقص أنظمة الدفاع الجوي المتطورة وصعوبة تأمين الإمدادات العسكرية بنفس الكفاءة الأمريكية.

واقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رفع ميزانية الدفاع الأوروبية إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى “إعادة تسليح أوروبا بشكل عاجل”.

لكن حتى لو تمكنت أوروبا من زيادة إنفاقها الدفاعي، فإن تعويض الدور الأمريكي في أوكرانيا لن يكون سهلًا.

وفي ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال: هل تستطيع أوروبا حماية أوكرانيا بمفردها؟ أم أن الضغوط الأمريكية ستجبر زيلنسكي على القبول بتسوية سياسية قد تكون كارثية على كييف؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف الإجابة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *