كتب / سعود عبدالعزيز
ماذا حدث ؟
بعد إعلان نتنياهو الاحتفاظ بمنطقة إسرائيلية آمنة داخل سوريا وإبقاء الجيش الإسرائيلي لفترة غير محدودة في كل من جبل الشيخ، والمنطقة منزوعة السلاح الخاضعة للأمم المتحدة ، بذريعة حماية الحدود الإسرائيلية من أي تهديد قادم، والتصريح بعدم التسامح مع أي تهديد يواجه الطائفة الدرزية وعدم السماح لهيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بالتواجد في الجنوب والمطالبة بإخلاء كامل للقوات المسلحة من القنيطرة ودرعا والسويداء، أثارت تلك التصريحات غضب أهالي جنوب سوريا معبرين عن ذلك بشعارات عدم السماح لأي جهة بتقسيم سوريا. وشكل هذا القرار الإسرائيلي، تحدّيًا كبيرًا للنظام السوري الجديد خاصة بعد أن صرح رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع في محافل عديدة أنه ينوي إبقاء سوريا خارج الصراعات والبدء بمرحلة البناء والإعمار والتطوير على كل المستويات.
وفي “الثلاثاء 25 فبراير” خلال مؤتمر الحوار الوطني بقصر الشعب قال أحمد الشرع إن التقدم إسرائيلي في المنطقة كان لذريعة تواجد الميليشيات الإيرانية وحزب الله وبعد تحرير دمشق فإنه لاتواجد لحزب الله وإيران وميليشياتها. كما أن النظام السوري الجديد أعلن التزامه باتفاق 1974 وعن استعداده لاستقبال القوات الأممية وإدخالها إلى المنطقة المنزوعة السلاح جنوب سوريا والعمل على حمايتها وعودة الأمور إلى ما كانت عليه. وأضاف الشرع إن ما تزعم به إسرائيل من من تعرض الطوائف للخطر، إنما هو زعم مشبوه مؤكدًا أن سوريا لاتقبل التقسيم. وقال إن وحدة السلاح واجبٌ وفرضٌ والقوة سوريا في وحدتها.
لماذا هذا مهم ؟
إسرائيل جعلت الطائفة الدرزية في واجهة الحدث لأسباب منها وجود تلك الطائفة في ثلاث بلدان: سوريا لبنان وإسرائيل. ينظر لها نتنياهو كورقة رابحة أخرى في الانتخابات الاسرائيلية حيث يمكنه كسب ثقة تلك الطائفة وضم أصواتها إليه مهما كانت عدد الأصوات فبالتالي سيكون لها تأثير في الرأي الإسرائيلي. كما أن تلك الخطوة تجعل الطائفة الدرزية في سوريا أيضًا تحت عباءة إسرائيل سواء استمر وتحقق تقدم إسرائيل في جنوب سوريا أم لم يتحقق. فبالتالي ستكون هذه العلاقة قائمة بين الطرفين على مصالح متبادلة.
إن دخول إسرائيل في محاولة تغيير المشهد الديموغرافي بسوريا، تجعل منها شريكًا في الحكم والأرض بحيث يمكنها أن تلعب دورًا هامًا في تحولات سوريا الداخلية والخارجية من خلال ذريعة حماية الأقليات.
ماذا بعد؟
مايحدث سيجعل الحكومة السورية المؤقتة تلجأ إلى الأمم المتحدة كما أشار إلى ذلك رئيسها أحمد الشرع في خطابه خلال مؤتمر الحوار الوطني يوم الثلاثاء، لتفادي المواجهة العسكرية بينه وبين نتنياهو. نظرًا لسياسة الشرع وحكومته تجاه الأحداث الخارجية والداخلية ورؤيته لبناء سوريا والنأي بها عن الحروب الداخلية والخارجية، فإن خطوته التالية ستكون من خلال التشاور مع الدول العربية أولًا ثم الدول التي يشترك معها في الحدود مثل مصر وتركيا على وجه الخصوص بعدما الدولتان أعلنتا عن دعمهما لسوريا في مواجهة خطة نتنياهو فيما يتعلق بالأقليات. كما أن الموقف الدولي سيكون له التأثير الكبير أيضًا على مجريات الأحداث. وسنشهد قرار الأمم المتحدة ودول الجامعة العربية تجاه هذا الأمر الذي يعد ضمن اهتمامات الأمن القومي العربي.