عبد الناصر همتي.. هل تكشف إقالته تصدعات في النظام الإيراني؟

#image_title

ماذا حدث؟

في خطوة لافتة تعكس تفاقم الأزمات الاقتصادية داخل إيران، أقدم البرلمان الإيراني على إقالة وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي، بعدما فشل في تجاوز تصويت حجب الثقة الذي جرى ضده، وذلك نتيجة لارتفاع معدلات التضخم والانهيار المستمر لقيمة العملة الوطنية.

وبحسب التلفزيون الحكومي، فقد أيد 182 نائبًا من أصل 273 حضروا الجلسة قرار العزل، محملين الوزير مسؤولية التدهور الاقتصادي الذي بات يضغط بشدة على معيشة المواطنين.

جاءت هذه الإقالة بعد ستة أشهر فقط من تولي همتي منصبه، وهو الذي شغل سابقًا موقع حاكم البنك المركزي.

في السوق السوداء، تجاوز الريال الإيراني حاجز 920 ألفًا مقابل الدولار الأميركي، مقارنة بأقل من 600 ألف منتصف عام 2024، ما أضاف المزيد من القلق حول مستقبل الاقتصاد الإيراني.

ورغم دفاع الرئيس مسعود بزشكيان عن الوزير المقال، معتبرًا أن الأزمة هي نتيجة تراكمات طويلة الأمد ولا يمكن حلها بعزل مسؤول واحد، إلا أن أصوات المعارضين كانت أقوى.

لماذا هذا مهم؟

إقالة همتي ليست مجرد إجراء إداري، بل تسلط الضوء على الصراعات المتزايدة داخل النظام الإيراني بشأن سبل التعامل مع الأزمة الاقتصادية، فقد انقسمت الآراء بين من يرى أن الأزمة تعود إلى العقوبات الأميركية وسوء الإدارة، وبين من يحمل المسؤولين التنفيذيين، مثل همتي، مسؤولية الفشل في احتواء تداعيات العقوبات وتأمين استقرار العملة والأسعار.

خلال جلسة البرلمان، شدد النواب على معاناة المواطنين من التضخم الجامح وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وأكد النائب روح الله متفقر آزاد أن الشعب لم يعد قادرًا على تحمل موجة جديدة من ارتفاع الأسعار، فيما أشارت النائبة فاطمة محمد بيجي إلى أن الكثيرين باتوا عاجزين عن شراء الأدوية والمستلزمات الطبية.

في المقابل، حاول همتي الدفاع عن سياساته، مرجعًا الأزمة إلى الضغوط الخارجية، خصوصًا العقوبات الأميركية التي أدت إلى انخفاض عائدات البلاد من النقد الأجنبي إلى ربع مستوياتها السابقة، وكشف عن أن 10 ملايين شخص في إيران انضموا إلى خط الفقر خلال السنوات السبع الماضية نتيجة التضخم.

ماذا بعد؟

تشير التقارير الاقتصادية إلى أن إقالة همتي لن تكون حلاً سحريًا للأزمة، بل قد تزيد من حالة عدم الاستقرار داخل الأسواق الإيرانية. فقد توقعت صحيفة “خراسان” الإيرانية أن يؤدي هذا القرار إلى تذبذب أكبر في أسعار العملة الصعبة، حيث إن الأزمة أعمق من أن تُحل بإقالة وزير.

وبموجب الدستور الإيراني، سيتم تعيين قائم بأعمال وزير الاقتصاد حتى يتم اختيار وزير جديد خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، لكن التساؤل الأهم هو ما إذا كانت القيادة الإيرانية قادرة على إيجاد حلول جذرية لمشاكلها الاقتصادية أم ستظل تلجأ إلى تغييرات شكلية في الحكومة دون معالجة الأسباب الحقيقية للأزمة.

في ظل استمرار العقوبات الغربية، وسياسة “الضغط الأقصى” التي أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إحياءها، يبدو أن إيران أمام تحديات اقتصادية غير مسبوقة.

ومع انخفاض قيمة الريال بنسبة 75٪ في عام واحد، وارتفاع معدل التضخم إلى 35.3٪، فإن الخيارات أمام النظام الإيراني تبدو محدودة، وسط تصاعد الغضب الشعبي من التدهور المعيشي.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *