النظام العالمي الترامبي.. لماذا سيبدأ من أوكرانيا؟

ترامب وزيلينسكي

ماذا حدث؟

شهد البيت الأبيض لقاءً غير مسبوق جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونائبه جي دي فانس، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

اللقاء، الذي بدا وكأنه حلقة جديدة من برنامج واقعي أكثر منه اجتماعًا سياسيًا رفيع المستوى، حمل إشارات مقلقة حول مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، وألقى بظلاله على مستقبل أوروبا وأمريكا نفسها على الساحة الدولية.

في الوقت الذي كان يُتوقع فيه تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين واشنطن وكييف، جاء الاجتماع ليكشف عن تصدّع خطير في التحالف القائم.

لم يكن الأمر مجرد سوء تفاهم، بل بدا كتحوّل جوهري في النهج الأمريكي تجاه أوكرانيا، حيث غابت الرؤية الواضحة لمستقبل الدعم الأمريكي لكييف، خاصة فيما يتعلق باتفاق كان شبه مكتمل حول المعادن الحيوية.

لماذا هذا مهم؟

يأتي هذا التوتر في سياق تحولات كبرى يشهدها النظام العالمي مع عودة ترامب إلى السلطة، فالمراقبون باتوا يتحدثون عن “النظام العالمي الترامبي” الذي يتجاوز القواعد التقليدية للعلاقات الدولية لصالح دبلوماسية القوة والصفقات.

ويعكس قرار وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث إرسال 3000 جندي إضافي إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، مدعّمين بمركبات قتالية ثقيلة، انشغال الإدارة الجديدة بالأجندة الداخلية على حساب الالتزامات الدولية.

يتخوف المستثمرون والداعمون الجمهوريون أنفسهم من النهج الفوضوي الذي يسلكه ترامب، حيث بدأت الأسواق تشهد تقلبات غير مسبوقة، وانخفضت مؤشرات وول ستريت في مقابل ارتفاع الأسواق الأوروبية والآسيوية، ما يعكس حالة القلق من قرارات الإدارة الأمريكية.

في السياق ذاته، يرى محللون أن ترامب يعيد صياغة السياسة الخارجية الأمريكية بعيدًا عن المفاهيم التقليدية التي أسسها قادة الحرب الباردة مثل هنري كيسنجر وزبغنيو بريجنسكي.

هذا التحول يضعف مكانة أوروبا في المعادلة الدولية، حيث لم يعد مفهوم “الغرب” كما كان في العقود الماضية، وأصبح التوجه نحو دعم الزعماء “القوميين الأقوياء” أمثال بوتين وشي جين بينغ وأردوغان أكثر وضوحًا.

ماذا بعد؟

إذا خسرت أوكرانيا دعم الولايات المتحدة، فإن الأمر لن يكون مجرد انتكاسة لكييف، بل بداية انهيار للنظام العالمي الذي أسسته واشنطن منذ الحرب العالمية الثانية.

التخلي عن أوكرانيا يعني إعادة تشكيل التحالفات الدولية، ويمنح موسكو تفوقًا استراتيجيًا لم يكن ليحلم به الكرملين، مما يضعف الثقة في الضمانات الأمنية الأمريكية ويجعل حلفاء واشنطن في حالة من القلق المستمر.

يظل الأمل قائماً في أن يعيد ترامب حساباته، إذ يُعرف عنه تحديه لتوقعات منتقديه، ويبقى السؤال: هل ستتمكن القوى المؤمنة بالحفاظ على دور أمريكا القيادي في العالم من التأثير عليه قبل فوات الأوان؟ أم أن حرب أوكرانيا ستكون بداية عصر جديد، حيث لم تعد واشنطن الحليف الذي يمكن الاعتماد عليه؟

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *