من زنزانته.. عبد الله أوجلان يدعو لحل حزب العمال الكردستاني

#image_title

ماذا حدث؟

أطلق عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، والمعتقل منذ أكثر من 25 عامًا في جزيرة إمرالي ببحر مرمرة، دعوة صريحة لإنهاء التمرد المسلح المستمر منذ أربعة عقود، في خطوة غير متوقعة تحمل دلالات عميقة على مستقبل القضية الكردية في تركيا. هذه الدعوة، التي خرجت من زنزانته المشددة الحراسة، قد تشكّل منعطفًا حاسمًا في مسار الصراع الطويل بين الحزب الكردي والدولة التركية.

دعوة مفاجئة لإنهاء الصراع

وفي رسالة نُشرت عبر حزب المساواة والديمقراطية للشعوب، دعا أوجلان مقاتلي حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح وحلّ التنظيم بشكل رسمي، مؤكدًا تحمّله “المسؤولية التاريخية” لهذه الخطوة. وتأتي هذه الدعوة بعد أربعة أشهر من تصريح أدلى به دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية وأحد أبرز حلفاء الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث أثار احتمال الإفراج عن أوجلان إذا استطاع إقناع حزبه بإنهاء القتال.ويُذكر أن النزاع بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية، الذي اندلع عام 1984، أدى إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص، وتسبب في دمار واسع بالمناطق الجنوبية الشرقية ذات الأغلبية الكردية.وفي ظل هذه المعطيات، تحظى تصريحات أوجلان بدعم من الحكومة التركية وبعض الأطراف السياسية الكردية، التي ترى فيها فرصة تاريخية لإنهاء العنف.

مسيرة أوجلان.. من الثورة إلى الاعتقال

وُلد عبد الله أوجلان عام 1949 في قرية أوميرلي بجنوب شرق تركيا، وسط بيئة سياسية مضطربة كانت تشهد صراعات بين تيارات اليسار واليمين. وبدأ حياته السياسية ضمن الحركات اليسارية التركية، لكنه سرعان ما انشق ليؤسس حزب العمال الكردستاني عام 1978، واضعًا نصب عينيه إقامة دولة كردية مستقلة.وقاد أوجلان التنظيم من سوريا حتى عام 1998، عندما أجبرته التهديدات العسكرية التركية على مغادرتها. وبعد محاولات فاشلة للحصول على اللجوء في روسيا وإيطاليا واليونان، أُلقي القبض عليه في العاصمة الكينية نيروبي عام 1999 في عملية استخباراتية معقدة نُقل على إثرها إلى أنقرة، حيث حُكم عليه بالإعدام، قبل أن يتم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد.

بين مفاوضات السلام والتأثير المستمر

رغم سنواته الطويلة خلف القضبان، ظل أوجلان رمزًا للحركة السياسية الكردية، ولعب دورًا محوريًا في محاولات السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، لا سيما خلال الفترة بين عامي 2013 و2015، عندما قاد أردوغان، بصفته رئيسًا للوزراء آنذاك، جهودًا لوقف القتال.وفي مارس 2015، ظهر أوجلان في بيان قرأه أنصاره أمام حشود ضخمة خلال احتفالات بسنة كردية جديدة، داعيًا إلى إنهاء الكفاح المسلح، معتبرًا أن “أربعين عامًا من النضال لم تذهب سدى، لكنها لم تعد قابلة للاستمرار”. إلا أن عملية السلام انهارت بعد ذلك بأشهر، لتعود المواجهات إلى أشدها، خاصة في المناطق الحضرية جنوب شرق تركيا.

ماذا بعد؟

على الرغم من تأثيره التاريخي، يبقى التساؤل مطروحًا حول مدى قدرته اليوم على توجيه مقاتلي حزب العمال الكردستاني، الذين يتمركز معظمهم في الجبال الوعرة شمال العراق. فهل ستلقى دعوته الجديدة صدى داخل التنظيم؟ أم أن ديناميكيات الصراع تجاوزت نفوذه؟وإذا استجاب الحزب لهذه المبادرة، فقد يكون المشهد السياسي والأمني في تركيا والمنطقة مقبلًا على تحول جذري، لكن نجاح هذه الخطوة يظل مرهونًا بقبولها من جميع الأطراف، في ظل تعقيدات إقليمية ودولية تلقي بظلالها على مستقبل القضية الكردية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *