ماذا حدث؟
في تطور لافت للأزمة السودانية، وقعت قوات الدعم السريع، بالتحالف مع عدد من القوى السياسية والمسلحة، “ميثاقًا تأسيسيًا” في العاصمة الكينية نيروبي، يمهد الطريق لتشكيل حكومة جديدة في المناطق التي تخضع لسيطرتها.
ويتضمن هذا الاتفاق رؤية لتأسيس “دولة ديمقراطية علمانية لا مركزية”، إلى جانب تشكيل “جيش وطني موحد يعكس التنوع السوداني”.
وكان أبرز الحاضرين لمراسم التوقيع عبد الرحيم دقلو، نائب قائد قوات الدعم السريع، فيما غاب القائد العام محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.
كما كان من بين الموقعين عبد العزيز الحلو، زعيم إحدى فصائل الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، الذي يسيطر على مناطق استراتيجية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وأعلن الهادي إدريس، القائد السابق لإحدى الجماعات المسلحة، أن إعلان تشكيل الحكومة الجديدة سيتم من داخل السودان خلال الأيام القادمة، وأنها ستعمل على “إنهاء النزاع، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، وتعزيز وحدة البلاد”.
لماذا هذا مهم؟
تأتي هذه الخطوة بعد أسابيع قليلة من إعلان رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، عزمه تشكيل حكومة انتقالية تعتمد على “كفاءات وطنية مستقلة”، في ظل تقدم الجيش السوداني ميدانيًا في العاصمة الخرطوم والمناطق الوسطى.
وشدد البرهان، خلال كلمة في بورتسودان، على أن الحكومة المقبلة “ستضع أسسًا لاستكمال المرحلة الانتقالية تمهيدًا لإجراء الانتخابات”، مستبعدًا أي تفاوض مع قوات الدعم السريع ما لم تنسحب من الخرطوم وغرب كردفان ودارفور.
وقد أثار توقيع “الميثاق التأسيسي” انقسامًا في الأوساط السياسية، حيث اعتبره البعض خطوة نحو حل الأزمة، بينما حذر آخرون من تداعياته على وحدة السودان.
ماذا بعد؟
مع تصاعد حدة الصراع، تزداد المخاوف من احتمال نشوب مواجهات جديدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الأمر الذي قد يطيل أمد الأزمة ويهدد بتقسيم فعلي للبلاد.
في هذا السياق، حذرت الأمم المتحدة من أن إعلان حكومة موازية قد “يعزز الانقسام ويؤدي إلى مزيد من الفوضى”، مشددة على أهمية الحفاظ على وحدة السودان.
كما أبدت الحكومة السودانية رفضها لاستضافة كينيا لهذا الاجتماع، معتبرة ذلك “انتهاكًا للسيادة السودانية”، فيما أكدت الخارجية الكينية أنها تسعى لدعم جهود السلام.
وبالتزامن مع هذا التوتر، يسعى الجيش السوداني إلى تعزيز تقدمه العسكري، خاصة بعد سيطرته على مدينة القطينة بولاية النيل الأبيض.
ويرى مراقبون أن استمرار الحرب دون حلول سياسية جذرية سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث يعيش الملايين على حافة المجاعة في ظل انهيار الخدمات الأساسية.