ماذا حدث؟
مع الذكرى الثالثة للغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، تصاعدت الدعوات المطالبة بإجراء انتخابات جديدة في البلاد.
اللافت في هذه الدعوات أن هذه الدعوات لا تأتي من الداخل الأوكراني، بل من الكرملين والإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب.
منذ توليه منصبه، بدأ ترامب يردد مطالب موسكو، مشككًا في شرعية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، واصفًا إياه بأنه “ديكتاتور بلا انتخابات”، وهو تصريح أثار استياء الأوكرانيين وأدى إلى التفافهم حول زيلينسكي.
كان من المقرر أن تُجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأوكرانية في عام 2024، لكن الدستور الأوكراني يحظر تنظيم الانتخابات الوطنية في ظل الأحكام العرفية، التي فُرضت منذ عام 2022 بسبب الحرب، ولا تزال سارية.
وأكد زيلينسكي استعداده لإجراء الانتخابات بمجرد تحسن الوضع الأمني، لكنه شدد على أن تنظيم انتخابات حرة ونزيهة في الظروف الحالية أمر مستحيل.
لماذا هذا مهم؟
أغلبية الأوكرانيين يدعمون تأجيل الانتخابات إلى ما بعد الحرب، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن 63% منهم يعارضون إجراء أي انتخابات وطنية حاليًا، وحتى الشخصيات السياسية المعارضة، مثل بترو بوروشينكو ويوليا تيموشينكو، رفضت فكرة الانتخابات في زمن الحرب، معتبرةً إياها غير عملية وغير شرعية.
كذلك، أبدى المجتمع المدني الأوكراني اعتراضه على الانتخابات في ظل استمرار القتال، معتبرًا أن إجرائها الآن قد يُعرّض الديمقراطية للخطر بدلًا من تعزيزها.
الموقف الأوكراني الرافض للانتخابات لا ينبع من اللامبالاة أو القمع السياسي، بل من وعي عميق بقيمة الديمقراطية التي ناضل الأوكرانيون من أجلها في ثورتين سابقتين، في 2004 و2014، ضد محاولات موسكو التدخل في سياساتهم الداخلية.
في المقابل، يرى الكرملين في الديمقراطية الأوكرانية تهديدًا وجوديًا، إذ يخشى أن تلهم الحركات الديمقراطية داخل روسيا نفسها، مما قد يؤدي إلى تقويض نظام فلاديمير بوتين.
ماذا بعد؟
يرى الخبراء أن مطالبة روسيا بإجراء انتخابات في أوكرانيا ليست سوى محاولة جديدة لزعزعة استقرار البلاد، خاصة وأن موسكو لديها تاريخ طويل في التدخل بالانتخابات في الدول الأخرى.
في ظل احتلال أجزاء واسعة من أوكرانيا وتشريد أكثر من عشرة ملايين شخص، فإن أي انتخابات في هذه الظروف لن تكون شرعية أو عادلة.
علاوة على ذلك، فإن تنظيم حملة انتخابية في ظل القصف الروسي المستمر سيكون مستحيلًا، كما أن يوم الانتخابات نفسه قد يتحول إلى هدف عسكري، مما يهدد حياة الناخبين، وكذلك فإن إجراء الانتخابات قبل توقيع اتفاق سلام قد يؤدي إلى انقسامات داخلية يستفيد منها الكرملين.