أوروبا في اختبار عسير.. كيف تخرج من ورطة ترامب؟

#image_title

ماذا حدث؟

في تحول غير متوقع، وجدت أوروبا نفسها أمام واقع جديد فرضته الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب، حيث باتت القارة العجوز مطالبة بتولي مسؤولية أمنها ودفاعها عن أوكرانيا بعد أن تخلت الولايات المتحدة عن دورها التقليدي كضامن للأمن الأوروبي.

جاءت هذه الصدمة بعد سلسلة من التصريحات الحادة من قبل الرئيس الأمريكي، ووزير الدفاع بيت هيجسيث، ونائب الرئيس جي دي فانس، الذين أشاروا إلى أن أوروبا يجب أن تتحمل العبء الأكبر في مواجهة التهديدات الروسية.

ردود الفعل الأوروبية لم تكن متجانسة، فقد انتقدت كايا كالاس، رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، ما وصفته بسياسة “الاسترضاء” الأمريكية، معبرة عن استيائها من استبعاد أوروبا وأوكرانيا من أي مفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا.

في باريس، اعتبر الرئيس إيمانويل ماكرون أن روسيا تشكل تهديدًا وجوديًا يجب مواجهته باستراتيجية دفاعية مستقلة، أما في برلين، فقد أربك هذا التحول المشهد السياسي، خاصة مع الانتخابات الألمانية، حيث تجنبت الأحزاب الكبرى مناقشة الخيارات الصعبة المتعلقة بإرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا.

لماذا هذا مهم؟

هذه التطورات تمثل نقطة تحول في العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا، حيث تضطر الأخيرة الآن إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الأمنية والعسكرية، لأن أوروبا إذا كانت ترغب في الحفاظ على نفوذها العالمي وضمان أمنها، فهي بحاجة إلى التحرك بسرعة لتعزيز قدراتها الدفاعية.

الاتحاد الأوروبي يواجه تحديات كبيرة في اتخاذ قرارات موحدة بشأن السياسة الخارجية والأمنية، خاصة مع وجود دول مثل المجر التي قد تعرقل التحركات الجماعية، ومع ذلك، هناك دعوات متزايدة لدعم أوكرانيا بمزيد من المساعدات العسكرية، واستخدام الأدوات المالية لتعزيز الإنفاق الدفاعي والتعاون الصناعي العسكري.

الدول الأوروبية الكبرى بدأت في اتخاذ خطوات عملية؛ فرنسا وبريطانيا تدرسان إمكانية إرسال مستشارين عسكريين وربما قوات محدودة إلى المناطق غير القتالية في أوكرانيا.

إيطاليا، رغم محدودية قدراتها العسكرية بسبب التزاماتها في مناطق أخرى، تؤكد التزامها بدعم الدفاع الجوي لأوكرانيا والمشاركة في تأمين أجوائها.

ماذا بعد؟

التحدي الأكبر الذي يواجه أوروبا الآن هو القدرة على اتخاذ قرارات جريئة وسريعة لمواجهة الفراغ الذي خلفه تراجع الدعم الأمريكي.

أمام الاتحاد الأوروبي خياران: إما التحرك الفوري نحو تعزيز قدراته الدفاعية عبر تحالف أوروبي مستقل، أو المخاطرة بأن يصبح تابعًا للمتغيرات السياسية في واشنطن.

من بين الخيارات المتاحة، يمكن للاتحاد الأوروبي المضي قدمًا في مصادرة الأصول الروسية المجمدة، وتسريع إجراءات دمج أوكرانيا في الاتحاد، إضافة إلى تقديم ضمانات أمنية حقيقية لكييف، كما أن دعم الدول الأعضاء في جهودها الفردية لتعزيز أمن أوروبا سيكون خطوة مهمة في تعزيز الموقف الأوروبي أمام روسيا وأمام الإدارة الأمريكية.

إذا أرادت أوروبا الحفاظ على استقلاليتها الاستراتيجية، فإن اللحظة الحالية هي لحظة اختبار حقيقي، حيث ستحدد القرارات التي ستتخذها العواصم الأوروبية في الأسابيع القادمة مستقبل القارة لعقود قادمة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *