بعد شهر من عودته.. هل نجحت مناورة ترامب في الشرق الأوسط؟

#image_title

ماذا حدث؟

بعد شهر من تنصيبه رئيسًا للمرة الثانية، كثّف دونالد ترامب تحركاته الدبلوماسية في الشرق الأوسط، في محاولة لإعادة صياغة النفوذ الأمريكي في المنطقة.

قام وزير الخارجية ماركو روبيو بجولة دبلوماسية شملت إسرائيل، السعودية، والإمارات، حيث سعى لتسويق رؤية إدارة ترامب لحل أزمة غزة، إلى جانب تبنّي نبرة تصعيدية تجاه إيران دون تقديم استراتيجية واضحة أو تنسيق فعال مع الحلفاء الرئيسيين.

كما شهدت الرياض لقاءً بين روبيو ونظيره الروسي، وهو اجتماع أثار استياء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث جرت مناقشات حول الغزو الروسي لأوكرانيا دون مشاركة أوكرانية فعلية، في تكرار لنهج ترامب السابق عندما طرح خططًا تخص الفلسطينيين دون إشراكهم، أو رسم استراتيجيات لمواجهة إيران دون تنسيق إقليمي فعلي.

وبينما كانت الإدارة منشغلة بهذه التحركات، تصاعدت الانتقادات بسبب ما وُصف بـ “الخطة غير الواقعية” لفرض السيطرة الأمريكية على غزة وتهجير أكثر من مليوني فلسطيني، إلى جانب اتخاذ قرارات تهدد الأمن القومي الأمريكي، مثل تقليص تمويل مؤسسات أمنية أساسية.

لماذا هذا مهم؟

تثير تحركات ترامب الجديدة ثلاث مخاطر رئيسية في الشرق الأوسط:

1- تقويض مكانة الولايات المتحدة دبلوماسيًا: اعتماد ترامب على أسلوب “دبلوماسية الصدمات” عبر التصريحات الاستفزازية والمناورات الإعلامية يعزز من التوترات، لكنه لا يحقق نتائج دبلوماسية فعلية.

هذا النهج، الذي سبق أن استخدمه مع كوريا الشمالية في ولايته الأولى، أسفر فقط عن صور تذكارية دون اتفاقات ملموسة، والآن، يبدو أن ترامب يكرر الأخطاء نفسها، مما قد يدفع حلفاء واشنطن الإقليميين للبحث عن بدائل دبلوماسية بعيدًا عن النفوذ الأمريكي.

2- تزايد التهديدات المسلحة: قرار الإدارة بتقليص التمويل الأمني للسلطة الفلسطينية يأتي في وقت يتصاعد فيه نشاط الجماعات المسلحة مثل داعش وحزب الله وحماس، مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى تفريغ الساحة الأمنية من أدوات المواجهة، مما يسمح بعودة تهديدات قديمة بشكل أكثر خطورة.

3- احتمالية اندلاع حروب جديدة: رغم الهدوء النسبي في غزة وجنوب لبنان، إلا أن غياب استراتيجية دبلوماسية واضحة يهدد بإعادة إشعال الصراع في أي لحظة.

في غزة، يقترب موعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة، دون أي تقدم ملموس نحو مرحلة الاستقرار الدائم، كما أن تجاهل إدارة ترامب لعناصر الحل السياسي قد يدفع الأطراف الإقليمية إلى إعادة تأكيد موقفها الداعم لحل الدولتين، وهو ما يتناقض مع التوجه الإسرائيلي الحالي.

ماذا بعد؟

في ظل غياب نتائج ملموسة بعد أول جولة دبلوماسية لإدارة ترامب، يتصاعد التساؤل: هل هذه مجرد مناورة مؤقتة أم أن واشنطن تفتقر إلى رؤية حقيقية؟

من المقرر أن تستضيف مصر قمة عربية في 4 مارس لبحث حلول للقضية الفلسطينية، ما قد يشكل تحديًا لترامب إذا مضت الدول العربية في تبني مسار دبلوماسي مستقل.

وفيما تستمر إدارة ترامب في اختبار نهجها، يبقى السؤال الأكبر: هل سيقود هذا المسار إلى تغيير فعلي في المنطقة، أم أنه مجرد حلقة جديدة من “الدبلوماسية الاستعراضية” التي قد تنتهي دون نتائج حقيقية؟

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *