لماذا يخشى حلفاء الولايات المتحدة من ترامب أكثر من خصومها؟

#image_title

ماذا حدث؟

عندما يتولى رئيس أمريكي جديد منصبه، يكون أولى أولوياته طمأنة الحلفاء وتحذير الأعداء، لكن دونالد ترامب يتبع نهجًا مختلفًا، إذ يبدو أن هدفه هو زرع الخوف في قلوب أصدقاء الولايات المتحدة أكثر من خصومها.

منذ عودته إلى البيت الأبيض، بدأ ترامب في ممارسة ضغوط غير مسبوقة على حلفائه، باعتبار أنهم يستفيدون من القوة العسكرية والاقتصادية الأمريكية على حساب مصالح بلاده.

لا يكتفي ترامب بالمطالبة بزيادة إنفاق الحلفاء الأوروبيين على الدفاع أو شراء المزيد من المنتجات الأمريكية، بل يلوّح بفرض رسوم جمركية قاسية على الدول التي لا تلتزم بسياساته، كما هدد باستخدام القوة العسكرية والاقتصادية بطرق مثيرة للجدل، وصلت إلى حد التلميح بالسيطرة على مناطق مثل كندا، وجرينلاند، وقناة بنما.

نتيجة لذلك، أصبح الحلفاء التقليديون للولايات المتحدة يشكون في مدى موثوقيتها كشريك استراتيجي، بل إن بعضهم بات يرى واشنطن قوة تهدد استقرارهم بدلًا من أن تكون مصدرًا للحماية.

لماذا هذا مهم؟

ما يثير القلق لدى الأوروبيين هو أنهم لم يكونوا يتوقعون تهديد ترامب المباشر لأراضيهم، فقد تعهد أثناء حملته الانتخابية بفرض رسوم جمركية تصل إلى 20% على الواردات الأوروبية، لكن التهديد بالتعدي على أراضٍ تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مثل جرينلاند أو كندا مثل صدمة كبرى لهم.

وفقًا لاستطلاع حديث أجراه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإن غالبية الأوروبيين لم يعودوا يرون الولايات المتحدة كحليف يتقاسم القيم والمصالح نفسها معهم، بل مجرد “شريك ضروري” ينبغي التعامل معه بحذر.

أما بالنسبة لحلفاء واشنطن في الجنوب العالمي، فإن نهج ترامب العدائي ليس مفاجئًا، إذ لطالما شهدت دول مثل بنما تدخلات عسكرية أمريكية متكررة، بدءًا من دعم استقلالها عن كولومبيا عام 1903 لبناء القناة، وصولًا إلى الغزو الأمريكي عام 1989 للإطاحة برئيسها آنذاك، مانويل نورييغا.

كما أن ترامب يُعرف بأسلوبه غير التقليدي في الدبلوماسية، حيث يعتمد بشكل كبير على العلاقات الشخصية والانطباعات السريعة بدلًا من المصالح الاستراتيجية العميقة، فمثلاً، قرر تعليق فرض الرسوم الجمركية على المكسيك بعد أن تعهدت رئيسة البلاد بنشر المزيد من القوات على الحدود لمكافحة تهريب الفنتانيل، رغم أن معظم هذا المخدر يُهرب من قبل مواطنين أمريكيين عبر المعابر القانونية.

ماذا بعد؟

تثير سياسات ترامب قلقًا متزايدًا حول مستقبل النظام الدولي، فبدلًا من أن يكون الحلفاء الأوروبيون قادرين على الاعتماد على واشنطن، يجدون أنفسهم مضطرين لإعادة النظر في استراتيجياتهم الدفاعية والاقتصادية بشكل مستقل.

بالنسبة للدول التي لديها إمكانيات اقتصادية وعسكرية، مثل ألمانيا وفرنسا، قد يدفعهم ذلك إلى تعزيز سياساتهم الدفاعية المستقلة وتقليل اعتمادهم على المظلة الأمنية الأمريكية.

في المقابل، قد تلجأ بعض الدول إلى البحث عن شركاء جدد، مثل الصين وروسيا، لتأمين مصالحها ضد سياسات واشنطن العدائية.

في عالمٍ ينظر فيه ترامب إلى السياسة الدولية على أنها ساحة نفوذ تتصارع فيها القوى العظمى، قد يجد الحلفاء السابقون أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مر: إما الخضوع للضغوط الأمريكية أو البحث عن تحالفات جديدة مع خصوم واشنطن التقليديين.

ما هو واضح الآن هو أن العالم لم يعد ينظر إلى الولايات المتحدة بنفس النظرة التي كانت سائدة قبل سنوات، وحلفاؤها أمام لحظة حاسمة لإعادة تقييم مدى اعتمادهم عليها في المستقبل.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *