طباعة عملة دون غطاء.. كيف ستتأثر الأسعار في سوريا؟

#image_title

ماذا حدث؟

في خطوة مفاجئة، أعلن مصرف سوريا المركزي عن وصول عملات نقدية من الليرة السورية من روسيا إلى دمشق عبر مطار العاصمة الدولي.

قوبل هذا الإعلان بترقب واسع، خاصة بعدما تداول ناشطون معلومات تفيد بأن المبلغ يصل إلى 60 تريليون ليرة سورية، لكن ورغم ذلك، نفى البنك المركزي هذه الأرقام، مؤكدًا أنها غير دقيقة.

الحديث عن الأموال المشكوك في حجمها جاء في وقت حساس، إذ كشف رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، عن قرار سابق للرئيس السابق بشار الأسد يقضي بطباعة العملة الوطنية من دون غطاء مالي.

هذه التصريحات أثارت جدلاً حول مستقبل الاقتصاد السوري، الذي يعاني أصلًا من أزمات عدة نتيجة الحروب والعقوبات الدولية.

لماذا هذا مهم؟

طباعة العملة دون غطاء نقدي ترتبط بشكل مباشر بالتصعيد المتوقع في التضخم، الأمر الذي قد يكون له عواقب اقتصادية كارثية على الأسعار في سوريا.

ويرى الخبراء أن تضخيم الأخبار حول حجم الأموال جاء في توقيت غير مناسب، لأن المبلغ المتداول يكفي بالكاد لدفع رواتب الموظفين الحكوميين لشهر واحد.

رغم محدودية المبلغ، إلا أن استمرارية طباعة النقود دون دعم حقيقي ستؤدي إلى تأثيرات طويلة المدى على الاقتصاد، لاسيما من خلال رفع معدلات التضخم وتفاقم ضعف القدرة الشرائية للمواطنين.

هذه السياسة الاقتصادية تُعد خطيرة، حيث أن البنك المركزي لا يمتلك رؤية دقيقة حول حجم الكتلة النقدية الموجودة في السوق، وتبعات الطباعة العشوائية ستزيد من مشكلات الاقتصاد المحلي بشكل معقد، مما يجعل عملية معالجتها أكثر صعوبة على المدى البعيد.

ماذا بعد؟

يؤكد الخبراء أن استمرار طباعة العملة دون رقابة أو معايير محددة سيؤدي إلى موجة تضخم غير مسبوقة، لأن أي زيادة في الكتلة النقدية دون موازاة مع زيادة الإنتاج المحلي ستؤدي بشكل حتمي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، خصوصًا أن الوضع الحالي يعاني من خلل في تفعيل أدوات السياسة النقدية، لا سيما في ظل غياب الضوابط على معدلات الفائدة وعدم وجود حلول جذرية لمواجهة التضخم.

في الماضي، كانت عملية إصدار العملة تخضع لآليات تحكمها احتياطيات نقدية بالعملات الأجنبية واحتياطي من الذهب، مما كان يسهم في استقرار الاقتصاد السوري، ومع تراجع هذه المعايير منذ عام 2019، أصبحت طباعة الليرة السورية تعتمد بشكل كبير على التمويل بالعجز، وهو ما فاقم الأزمة الاقتصادية بانخفاض حاد في قيمة الليرة وزيادة التضخم بشكل يفوق قدرة المواطنين على التحمل.

رغم الوضع الكارثي، يرى الخبراء أن ثمة أملًا في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية عبر تفعيل أدوات السياسة النقدية وفرض رقابة صارمة على السوق السوداء، فضلاً عن وضع سياسة جمركية توازن بين تعزيز الإيرادات العامة واحتياجات السوق من السلع الأساسية.

بجانب أن تلك السياسات تحتاج إلى وقت طويل، فإن نجاحها يتطلب التخفيف من العقوبات الدولية وإعادة تفعيل دور المصرف المركزي الذي طالما غُيب عن المشهد الاقتصادي.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *