ماذا حدث؟
في تطور غير متوقع، أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، متجاوزًا بذلك العزلة الدبلوماسية التي فرضها الغرب على موسكو منذ غزوها لأوكرانيا.
ترامب وصف المكالمة بأنها “مثمرة للغاية”، مشيرًا إلى أنه وبوتين ناقشا “قوة بلديهما والفوائد المستقبلية للتعاون بينهما”، كما أُعلن عن ترتيب لقاء بينهما في السعودية، حيث لن يكون بوتين مهددًا بالاعتقال بموجب مذكرة المحكمة الجنائية الدولية.
لم يكن الأمر مجرد اتصال عابر، بل تزامن مع تصريحات صادمة من وزير دفاع ترامب، الذي أكد أن استعادة أوكرانيا لحدودها قبل عام 2014 “هدف غير واقعي”، ما يعني ضمنيًا القبول بالاحتلال الروسي الحالي
كما تم استبعاد أي إمكانية لانضمام أوكرانيا لحلف الناتو، الأمر الذي كان أحد أهم مطالب كييف منذ بداية الحرب.
لماذا هذا مهم؟
ما جعل هذه المكالمة محط صدمة أوروبية هو أنها تمت دون أي تنسيق مع الحلفاء الغربيين، مما يعكس استراتيجية ترامب الفردية في السياسة الخارجية.
ساركت بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا إلى انتقاد هذه الخطوة، حيث شدد وزير الدفاع البريطاني على أن “أي مفاوضات يجب أن تكون بحضور أوكرانيا”.
أما وزيرة الخارجية الألمانية، فقد وصفت التحرك الأمريكي بأنه “مفاجئ وغير منسق”، مؤكدة أن هذا “ليس أسلوب الدول الأخرى في صنع السياسة الخارجية”.
روسيا، من جانبها، احتفلت بهذه التطورات، حيث قفزت أسواق الأسهم الروسية وصعد الروبل بشكل ملحوظ عقب الإعلان عن المحادثات، واعتبر الإعلام الروسي الرسمي هذه المكالمة انتصارًا دبلوماسيًا، مؤكدًا أن المفاوضات ستتم وفق “الشروط الروسية”.
ماذا بعد؟
في ظل هذا التغيير المفاجئ في النهج الأمريكي، تبرز العديد من الأسئلة حول مستقبل الحرب الأوكرانية، فهل ستجد كييف نفسها مجبرة على تقديم تنازلات ضخمة؟ وهل ستتمكن أوروبا من فرض صوتها في أي مفاوضات مستقبلية؟
المرحلة القادمة ستكشف الكثير، خصوصًا مع الاجتماع المرتقب بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ونائب الرئيس جي دي فانس في مؤتمر ميونيخ للأمن.
هذا اللقاء سيحدد إلى أي مدى ستتمكن أوكرانيا من الاحتفاظ بحقها في تقرير مصيرها، أم أن الضغط الأمريكي سيجبرها على قبول الواقع الذي تسعى موسكو لفرضه.
في النهاية، يبدو أن هذه المكالمة ليست مجرد خطوة دبلوماسية، بل مؤشر على تحولات كبرى قد تعيد رسم ملامح الصراع في أوكرانيا والعلاقات الدولية بشكل عام.