ماذا حدث؟
في أعقاب وقف إطلاق النار، سارعت حماس إلى فرض وجودها في شوارع غزة، حيث ظهر مسلحوها بزيهم العسكري، وحرسوا قوافل المساعدات في محاولة لاستعراض القوة وإظهار أنهم ما زالوا يسيطرون على المشهد. كما احتفلت الحركة بصفقة تبادل الأسرى، التي شهدت إطلاق سراح مئات الفلسطينيين مقابل رهائن إسرائيليين، وهو ما حاولت تقديمه كـ”انتصار سياسي”.
لكن بعيدًا عن عدسات الكاميرات، تواجه حماس أسوأ أزماتها الداخلية منذ تأسيسها. الحرب الأخيرة لم تضعفها عسكريًا فحسب، بل كشفت عن انقسامات خطيرة بين جناحيها السياسي والعسكري، بينما يقف قطاع غزة على شفا انهيار اقتصادي وإنساني غير مسبوق.
في المقابل، حركة فتح تراقب الوضع عن كثب، حيث ترى في أزمة حماس فرصة لاستعادة السيطرة على غزة، بعد 17 عامًا من خسارتها لصالح الحركة الإسلامية. وبينما تستمر المحادثات حول إعادة إعمار القطاع، يظهر الخلاف بين الفصيلين الفلسطينيين أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.
لماذا هذا مهم؟
الانقسام بين حماس وفتح ليس جديدًا، لكنه تعمّق بعد الحرب الأخيرة، حيث بات كل طرف يرى المستقبل الفلسطيني بطريقة مختلفة تمامًا:
- حماس تحاول الحفاظ على سلطتها في غزة بأي ثمن، لكنها تجد نفسها في مواجهة ضغط داخلي من سكان غزة الذين يعانون أوضاعًا مأساوية، وضغط خارجي من إسرائيل والمجتمع الدولي.
- فتح ترى فرصة للعودة إلى غزة، لكنها لا تثق بحماس، وتصر على أنه لا يمكن تحقيق مصالحة دون أن تتخلى الحركة عن سلاحها، وهو أمر ترفضه قيادة حماس بشدة.
- الدول العربية تدفع نحو حكومة وحدة وطنية، لكن الطرفين لم ينجحا في التوصل إلى اتفاق خلال أكثر من عقدين من المحاولات.
في هذا المشهد المتشابك، تدور المعركة الحقيقية حول من سيسيطر على غزة بعد الحرب؟
ماذا بعد؟
حماس وفتح أمام ثلاثة سيناريوهات رئيسية:
- استمرار الوضع الراهن – تبقى حماس في السلطة بغزة، مع عزلة دولية متزايدة، ورفض إسرائيلي لأي إعادة إعمار تحت حكمها.
- حكومة وحدة وطنية – وهو السيناريو الذي تدفع نحوه الدول العربية، لكنه يتطلب من حماس تقديم تنازلات قد تؤدي إلى انقسامات داخلية تهدد وحدتها.
- فرض إدارة جديدة لغزة – وهو ما تحاول إسرائيل وحلفاؤها الإقليميون الدفع نحوه، عبر تقديم الدعم لحكومة تكنوقراط فلسطينية بديلة عن حماس.
لكن الواقع يقول إن الانقسام الفلسطيني ليس مجرد خلاف سياسي، بل صراع وجودي بين مشروعين مختلفين تمامًا. وبينما تحاول الأطراف الخارجية استغلال هذه الفجوة لصالحها، يبقى الفلسطينيون أنفسهم هم الأكثر تضررًا من هذا الصراع المستمر.
في ظل هذا المشهد، يبدو أن المعركة على غزة لم تنتهِ بعد، بل تحولت إلى صراع داخلي أكثر تعقيدًا، حيث تتنافس الفصائل الفلسطينية على من سيمسك بزمام الأمور في اليوم التالي.