ماذا حدث؟
أصبحت مسألة انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان محط أنظار المنطقة بعد أن فات إسرائيل الموعد النهائي الأول للانسحاب في 27 يناير، والذي كان من المفترض أن ينهي الهدنة التي استمرت 60 يومًا.
والآن، تتزايد المخاوف من أن إسرائيل قد تمتد فترة وجودها في المنطقة بعد الموعد النهائي الثاني المحدد في 18 فبراير.
تشير تقارير إلى أن إسرائيل تقوم ببناء قواعد عسكرية شبه دائمة على قمم التلال القريبة من “الخط الأزرق”، وهو الحد الفاصل بين لبنان وإسرائيل وفقًا للأمم المتحدة.
وقد اتهمت إسرائيل الجيش اللبناني بعدم نزع سلاح حزب الله في المنطقة الجنوبية وعدم نشر قواته بشكل كامل وفقًا لاتفاقية الهدنة التي بدأت في 27 نوفمبر.
من جهته، أشار لبنان إلى أن الجيش اللبناني لا يمكنه الانتشار بشكل كامل إلا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية.
لماذا هذا مهم؟
يرى الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء محمد أبو يوسف، إن استمرار الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان يمثل تحدياً كبيراً للاستقرار في المنطقة، حيث تعمل إسرائيل على تدمير البنية التحتية في القرى اللبنانية، بما في ذلك المنازل والطرق وشبكات الكهرباء والمياه، مما يجعل المنطقة غير صالحة للسكن.
وأضاف أبو يوسف، إن إسرائيل تقوم برش مبيدات كيميائية لتدمير الغطاء النباتي على الجانب اللبناني من الحدود، مما يؤثر سلبًا على المزارعين المحليين الذين يعتمدون على محاصيل مثل التبغ والزيتون.
ويختم أبو يوسف، بأن بناء القواعد العسكرية الإسرائيلية الشبه دائمة يرسل رسالة واضحة بأن إسرائيل تنوي البقاء في المنطقة لفترة أطول، مما يزيد من التوترات ويضع حزب الله في موقف صعب، مشيرًا إلى أنه إذا قرر حزب الله مهاجمة هذه القواعد، فقد يؤدي ذلك إلى تصعيد عسكري كبير، وإذا امتنع عن الرد، فإن ذلك قد يضعف من شرعيته كحركة مقاومة.
ماذا بعد؟
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال: ما هي الخطوة التالية؟
يقول أبو يوسف، إنه إذا قررت إسرائيل البقاء في جنوب لبنان بعد 18 فبراير، فإن ذلك سيضع حزب الله أمام خيارين صعبين: إما مهاجمة القواعد الإسرائيلية، مما قد يؤدي إلى حرب جديدة، أو الامتناع عن الرد، مما قد يقوض مكانته كحركة مقاومة.
ويوضح أن المجتمع الدولي، وخاصة قوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان (اليونيفيل)، يلعب دورًا رئيسيًا في مراقبة الوضع والضغط على إسرائيل للالتزام بمواعيد الانسحاب.
ويؤكد أن لبنان بحاجة إلى تعزيز وجود جيشه في المنطقة الجنوبية لضمان الاستقرار ومنع أي تصعيد مستقبلي.
ويبقى مستقبل جنوب لبنان غامضًا في ظل التوترات المستمرة وعدم وضوح نوايا إسرائيل، فبينما تسعى إسرائيل لتعزيز وجودها العسكري، فإن لبنان وحزب الله يواجهان تحديات كبيرة في الحفاظ على الاستقرار وشرعية المقاومة.
ويبقى السؤال: هل ستتمكن الأطراف المعنية من تجنب حرب جديدة أم أن المنطقة مقبلة على موجة أخرى من العنف؟