كتب- محمد النجار:
قبل واحد وعشرين عامًا، أسقطت القوات الأمريكية وحلفاؤها تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس، إيذانًا بنهاية حكمٍ امتد لعقود.
كان العراقيون بين ذاهل وفرح وغاضب، حيث تغيرت خريطة العراق وخريطة الشرق الأوسط السياسية والأمنية من بعد هذا الحدث.
لكن ماذا لو لم تتم الإطاحة به؟ كيف كان يمكن أن يكون شكل العراق والمنطقة، بل والعالم، لو بقي في الحكم حتى عام 2025؟
العراق تحت القبضة الحديدية
لو بقي صدام حسين في السلطة، فمن المؤكد أن العراق كان سيظل رهينة قبضة أمنية حديدية.
كان النظام العراقي قد بلغت أوج تشديداته الأمنية حينما نفذ حملات إبادة بحق الأكراد في الثمانينيات، وقمع الانتفاضة الشيعية عام 1991 بقتل مئات الآلاف، واستخدم الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.
لم تكن أغلبية الشعب العراقي تحمل لصدام أي مشاعر ودية، فكثيرون كانوا يرونه تجسيدًا للظلم، ورأوا في سقوطه عدالة مستحقة.
بعد إعدامه عام 2006، احتفل بعض العراقيين، بينما استاء آخرون من الطريقة التي أُخرج بها من المشهد.
فراغ السلطة والصراع على الحكم
حتى لو لم يُطَح بصدام، فإنه لم يكن ليحكم إلى الأبد، فقد كان في التاسعة والستين من عمره عند إعدامه، ومع مشاكله الصحية، كان من المحتمل أن يتوفى خلال السنوات الأخيرة.
لكن رحيله كان سيترك فراغًا هائلًا في السلطة، نظرًا لمقتل أبنائه عدي وقصي في 2003، وافتقار بناته الثلاث إلى النفوذ السياسي الكافي لخلافته.
غياب وريث واضح كان سيشعل صراعًا على الحكم داخل الحزب الحاكم، وربما أدى إلى انشقاقات خطيرة، وصدامات داخلية كان يمكن أن تغرق العراق في موجة من العنف والفوضى، تشبه ما حدث بعد سقوط نظامه، ولكن بشكل مختلف.
توازن القوى في الشرق الأوسط
لو بقي صدام، فإن التوازنات الإقليمية كانت ستأخذ مسارًا آخر، حيث كان سيظل خصمًا لدودًا لإيران، التي دخل معها في حرب دامية بين 1980 و1988.
وربما كانت مواجهاته مع طهران ستؤدي إلى استنزاف كلا الطرفين، ما قد يؤثر على سياسات المنطقة بأكملها، خصوصًا فيما يتعلق بالقوى الموالية لإيران مثل حزب الله وحماس.
في المقابل، ربما كان وجود صدام عاملاً “مزعزعًا” للاستقرار بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة، لكنه أيضًا كان ليحدّ من النفوذ الإيراني المتصاعد الذي نشهده اليوم في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
وبذلك، فإن استمرار حكمه كان سيؤدي إلى مشهد جيوسياسي مختلف تمامًا عن الذي نراه اليوم.
السباق نحو السلاح النووي
لم تعثر الولايات المتحدة على أسلحة دمار شامل في العراق بعد غزو 2003، لكن صدام كان دائمًا مهتمًا ببناء ترسانة عسكرية ضخمة.
ولو بقي صدام في الحكم، فمن غير المستبعد أنه كان سيحاول امتلاك قدرات نووية، خاصة مع وجود إيران كمنافس إقليمي يسعى أيضًا لامتلاك السلاح النووي.
لو دخل العراق في سباق تسلح نووي مع إيران، لكان ذلك بمثابة كارثة للمنطقة، وربما كان العالم اليوم يواجه عراقًا مسلحًا نوويًا يغير موازين القوى في الشرق الأوسط، ويدخل في صراعات مدمرة مع جيرانه.
تراجع النفوذ الأمريكي
أحد أهم التغيرات التي كان يمكن أن تحدث في حال بقاء صدام هو تراجع النفوذ الأمريكي بشكل أعمق في المنطقة، فالغزو الأمريكي للعراق، رغم كارثيته، كان بمثابة إعادة رسم لخريطة القوى في الشرق الأوسط.
ولو فشلت واشنطن في الإطاحة بصدام، أو لم تتمكن من العثور عليه، لكان ذلك ضربة قوية لصورتها كقوة عظمى، وكان سيعزز من صورتها كدولة فاشلة في تحقيق أهدافها العسكرية.
كما أن الإبقاء على صدام كان سيزيد من الانتقادات الدولية تجاه الولايات المتحدة، التي كانت ستبدو عاجزة عن تحقيق أهدافها في المنطقة، وربما أدى ذلك إلى تغيير تحالفات إقليمية، وتأثير أكبر لروسيا والصين في الشرق الأوسط.