كتب- محمد النجار:
لطالما كانت التحية النازية محط جدل عالمي، خاصة بعد أن تم ربطها بالشخصيات الديكتاتورية مثل أدولف هتلر وبينيتو موسوليني.
لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن هذه التحية لم تكن من ابتكارهم، بل تعود أصولها إلى العصر الروماني، حيث كان جنود الإمبراطورية يؤدون تحية يُعتقد أنها تشبه التحية النازية، رغم عدم وجود دليل قاطع على شكلها الحقيقي.
وفقًا للمؤرخ الروماني فلافيوس، فإن جنود الإمبراطورية كانوا يحيون قادتهم بتحية يرفعون فيها أذرعهم، وهي ممارسة كانت جزءًا من الانضباط العسكري.
إعادة إحياء التحية الرومانية
في عام 1919، ومع صعود الفاشية في إيطاليا، قرر الديكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني تبني هذه التحية وإعادة استخدامها ضمن رموز النظام الفاشي الجديد.
أراد موسوليني إحياء أمجاد الإمبراطورية الرومانية، فاستعان بهذه التحية كرمز للقوة والوحدة الوطنية، مستلهمًا من الإرث الثقافي والتاريخي لإيطاليا.
كما أن حزبه، “الحزب الوطني الفاشي”، سعى إلى التميّز عن باقي الحركات السياسية باستخدام رموز قوية مستمدة من الماضي.
هتلر يستنسخ التحية
لم يكن أدولف هتلر بعيدًا عن تأثره بموسوليني، بل كان من أشد المعجبين به، وبعد صعوده إلى السلطة في ألمانيا، تبنّى هتلر التحية الرومانية، لكن مع تعديلات طفيفة، لتُعرف لاحقًا باسم “تحية هتلر” أو “التحية الألمانية” (der deutsche Gruß).
مع حلول عام 1933، أصبحت هذه التحية إلزامية في ألمانيا النازية، حيث كان المواطنون والجنود ملزمين بأدائها لإظهار ولائهم المطلق للحزب النازي.
بل إن الأطفال في المدارس تم تعليمهم كيفية تنفيذ التحية بشكل صحيح، في إطار سياسات التلقين الأيديولوجي التي انتهجها النظام النازي.
رمز للكراهية
بعد سقوط النظام النازي في عام 1945، أصبحت هذه التحية رمزًا للكراهية والتطرف، حيث حظرت في عدة دول، بما في ذلك ألمانيا، التي اعتبرت استخدامها جريمة يعاقب عليها القانون.
ومع ذلك، لا تزال بعض الجماعات اليمينية المتطرفة حول العالم تستخدمها كتعبير عن توجهاتها الأيديولوجية، ما يجعلها واحدة من أكثر الإيماءات السياسية إثارة للجدل في التاريخ الحديث.
لم تتوقف هذه التحية عن إثارة الجدل حتى يومنا هذا، ففي عام 2025، واجه رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك انتقادات واسعة بعد أن قام بحركة اعتبرها البعض تحية نازية أثناء حضوره حفل تنصيب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
ورغم أن رابطة مكافحة التشهير (ADL) أكدت أن الحركة لم تكن مقصودة، إلا أن الجدل استمر وانتشر عبر وسائل الإعلام العالمية.