ماذا حدث؟
في عصر التكنولوجيا المتقدمة، تحولت الحروب إلى الفضاء الإلكتروني، حيث تعتمد الأسلحة السيبرانية على الهجمات الرقمية لتعطيل البنية التحتية، والتجسس، والتأثير على السياسة والاقتصاد، مما يجعلها أداة استراتيجية فعالة وبتكلفة منخفضة.
السباق السيبراني بين الدول
تخوض الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، سباقًا متسارعًا لتطوير قدراتها السيبرانية، في منافسة مع روسيا، الصين، وإسرائيل.
وتركز هذه الدول على إنشاء وحدات متخصصة لشن هجمات رقمية واختراق أنظمة العدو، مع تأمين شبكاتها ضد أي تهديدات محتملة.
أدوات التأثير في الحروب
تعطيل البنية التحتية
من أبرز تأثيرات الأسلحة السيبرانية قدرتها على تعطيل البنية التحتية الحيوية كالكهرباء والمياه والاتصالات، كما حدث في هجوم 2015 على شبكة الكهرباء الأوكرانية، الذي تسبب في انقطاع واسع وأظهر مدى خطورة الهجمات الإلكترونية.
التأثير على الاقتصاد العالمي
هجوم “NotPetya” السيبراني عام 2017 شكّل مثالًا على تأثير الهجمات الإلكترونية على الاقتصاد العالمي، حيث استهدف شركات كبرى وتسبب بخسائر بمليارات الدولارات وتعطيل سلاسل التوريد.
وتُقدّر الخسائر السيبرانية عالميًا بنحو 27 تريليون دولار في 2024، نتيجة الفدية، وتوقف الأعمال، وتراجع ثقة المستثمرين.
الهجمات على الأنظمة السياسية
أثارت هجمات 2016 السيبرانية على الانتخابات الأمريكية قلقًا عالميًا، بعد اتهام روسيا بمحاولة التأثير على النتائج باختراق بيانات حساسة.
ومن أبرز الأمثلة الأخرى، هجوم “Colonial Pipeline” في 2021 الذي شل إمدادات الوقود، وهجوم “Equifax” في 2017 الذي كلف الشركة 1.4 مليار دولار وأضر بسمعتها بعد تسريب بيانات ملايين الأشخاص.
أدوات حرب
هجوم “ستوكسنت” (Stuxnet) عام 2010
يُعد فيروس “ستوكسنت” من أبرز أمثلة الأسلحة السيبرانية، إذ استُخدم لتعطيل برنامج إيران النووي عبر تدمير أجهزة الطرد المركزي، ويُعتقد أن الولايات المتحدة وإسرائيل وراء الهجوم.
التدخل السيبراني في الانتخابات الأمريكية 2016
اتُهمت روسيا بتنفيذ هجمات سيبرانية خلال انتخابات 2016 الأمريكية، شملت اختراق خوادم اللجنة الوطنية الديمقراطية ونشر معلومات حساسة، ما أثار جدلاً حول التدخل في الديمقراطيات الغربية.
هجوم “NotPetya” عام 2017
بدأ الهجوم كبرمجية خبيثة ضد أوكرانيا، لكنه انتشر عالميًا وأصاب مؤسسات مالية وشركات كبرى مثل “ميرسك”، متسببًا بخسائر بمليارات الدولارات، ما أبرز تأثير الهجمات السيبرانية على الاقتصاد العالمي.
أدوات الدفاع
لحماية الأمن السيبراني، تعتمد الدول على مؤسسات متخصصة مثل وكالة الأمن السيبراني الأمريكية والهيئة الوطنية البريطانية، لتنظيم الجهود وتنسيقها. وتشمل استراتيجيات الدفاع استخدام تقنيات متقدمة كالجدران النارية، وأنظمة الكشف عن التسلل، والتشفير، والتحليل السلوكي لرصد التهديدات.
وتلعب برامج التعاون الدولي، مثل الاتحاد الأوروبي للأمن السيبراني، دورًا مهمًا في تبادل المعلومات والتصدي للهجمات المشتركة.
ماذا بعد؟
من المتوقع أن تصبح الأسلحة السيبرانية أكثر تطورًا ودقة مع دعم الذكاء الاصطناعي، ما يجعلها عنصرًا أساسيًا في النزاعات الدولية.
لم تعد مجرد تهديد مستقبلي، بل واقع يُعيد تشكيل مفهوم الحرب الحديثة، بآثار تمتد إلى البنية التحتية والاقتصاد والسياسة، مما يجعل الأمن الرقمي أولوية لا تقل أهمية عن حماية الحدود.