كتب- محمد النجار:
في أروقة الشركات الكبرى، حيث تُصنع القرارات وتُبنى الصفقات، يبرز جانب خفي من معادلة النجاح المهنية، وهو المظهر الخارجي.
باتت الاستثمارات في تحسين المظهر، من عمليات زراعة الشعر إلى البوتوكس، ليست فقط حاجة شخصية، بل أداة استراتيجية تُمكن رجال الأعمال من الحفاظ على ثقتهم وحضورهم أمام العملاء والزملاء في أروقة وول ستريت.
رحلة نحو الثقة بالنفس
جون، متداول مالي في واشنطن العاصمة، مثالٌ حي على هذه الظاهرة.
في سن الخامسة والعشرين، قرر إنفاق 18,600 دولار لإجراء أول عملية زراعة شعر للتغلب على تراجع خط شعره، وهو مصدر قلق أثّر على حالته النفسية، بحسب بيزنس إنسايدر.
بعدها بأربع سنوات، وجد نفسه مجددًا في رحلة أخرى إلى تركيا لإجراء عملية ثانية بتكلفة 3,250 دولار، في محاولة لتوفير بعض المال مقارنة بتكاليف العمليات المحلية.
يصف جون أن تراجع خط شعره لم يكن مجرد قلق جمالي، بل كان يؤثر على أدائه في العمل، ففي وظيفته السابقة في القطاع المصرفي الخاص، حيث يتعامل مع عملاء أثرياء، كان يعلم أن المظهر له دورٌ حاسم في نجاح الاجتماعات والعروض.
بعد العملية، شعر بتحسن واضح في ثقته بالنفس، مما أتاح له تركيزًا أكبر في العمل دون أن يشغله القلق بشأن كيفية نظر الآخرين إليه.
التجميل “صيانة أساسية“
مع تغير الزمن، أصبحت الإجراءات التجميلية أقل تابوهات بين الرجال، وبدأ يُنظر إليها كصيانة أساسية شبيهة بقص الشعر.
وفقًا لجمعية جراحي التجميل الأمريكية، شهدت الولايات المتحدة زيادة بنسبة 8% في عدد الرجال الذين يجرون إجراءات تجميلية بين عامي 2022 و2023.
كما أصبح البوتوكس، المعروف باسم “Brotox” بين الرجال، خيارًا شائعًا بين المهنيين في منتصف الأربعينات لتحسين مظهرهم وتعزيز ثقتهم في بيئة عمل تنافسية.
دان، محامٍ يبلغ من العمر 45 عامًا في نيويورك، بدأ باستخدام البوتوكس في سن الأربعين لموازنة بين مظهرٍ شاب وخبرة مهنية.
بالنسبة له، يُعد المظهر المدروس أداة تعكس النضج والقدرة على مواكبة إيقاع العمل السريع.
علامة شخصية لا غنى عنها
بالنسبة لداريل سبنسر، الرئيس التنفيذي الشاب البالغ من العمر 28 عامًا، فإن المظهر ليس مجرد جزء من شخصيته، بل هو جزء أساسي من علامته التجارية.
يستثمر سبنسر آلاف الدولارات كل ثلاثة أشهر في منتجات العناية بالبشرة والشعر، إضافة إلى اشتراكات في نوادٍ رياضية راقية، وخدمات الاستشارة في المظهر، ويرى أن هذا الاستثمار يعزز من فرص التواصل، ويفتح الأبواب أمام شراكات وأحداث مهنية مهمة.
ويشير داريل إلى أن مظهره المتأنق يعزز من الثقة التي يبعثها لدى شركائه المحتملين، مما يجعلهم أكثر استعدادًا للتعامل معه والتعرف على منتجاته.
ضغوط المنافسة المهنية
تظل هذه التحسينات في المظهر ملفوفة بالسرية لدى كثيرين، خاصةً في بيئات عمل تنافسية مثل وول ستريت.
روى كوهين، مدرب مهني، يُوضح أن بعض المهنيين يخشون الكشف عن هذه العمليات خوفًا من تأثيرها على صورتهم المهنية.
يقول كوهين: “في عالم مليء بالمنافسة، من غير المنطقي أن تكشف عن أسرارك لمن قد يكون منافسك.”
إضافةً إلى ذلك، تشير الدراسات إلى أن التمييز العمري يُعد تحديًا في بيئات العمل، حيث يُنظر إلى الشباب على أنهم أكثر حيوية وابتكارًا، مما يدفع الكثيرين إلى السعي للظهور بمظهر نشط وحيوي، حتى مع تقدمهم في العمر، للحفاظ على مكانتهم المهنية.
ما وراء المظهر
يرى خبراء التجميل أن الأمر لا يقتصر على تحسين الشكل فقط، بل يمتد إلى تعزيز الحالة النفسية والشعور بالإنجاز.
يشير الدكتور دانيال مامان، جراح التجميل في نيويورك، إلى أن مظهر الشخص يؤثر في كيفية تقدير الآخرين لكفاءته.
بالنسبة لمامان، فإن تحسين المظهر يُعد خطوة نحو بناء ثقة مهنية وشخصية.