كتب- محمد النجار:
مع بداية 2025، يشهد الجيش الروسي تحولات عميقة أثرت بشكل كبير على هيكله، واستراتيجياته، وتجهيزاته، كنتيجة مباشرة للحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات مع أوكرانيا.
تلك الحرب، التي بدأت كغزو شامل في فبراير 2022، كانت بمثابة اختبار قاسٍ للقدرات العسكرية الروسية، ما أسفر عن خسائر فادحة وتحديات غير مسبوقة.
رغم ذلك، سعت روسيا جاهدة لتجديد قواتها والتكيف مع الظروف الجديدة، ما أدى إلى تغييرات ملحوظة في هيكلها العسكري.
خسائر ثقيلة وتحديات كبيرة
وفقًا لإحصائيات أوكرانية، فإن أكثر من 780,000 جندي روسي قُتلوا أو أُصيبوا منذ بداية الصراع.
ورغم أن التقديرات الغربية تشير إلى أرقام أقل بقليل، فإنها تؤكد أن الخسائر الروسية بلغت ذروتها خلال خريف وشتاء 2024.
كما تكبّد الجيش الروسي خسائر مادية ضخمة، حيث قُدرت قيمة الأسلحة والمعدات المفقودة خلال شهر نوفمبر 2024 وحده بـ3 مليارات دولار.
الأسطول البحري والخسائر الإقليمية
نجحت أوكرانيا في تقليص تأثير الأسطول الروسي في البحر الأسود، مما أجبر موسكو على إعادة تموضع العديد من سفنها بعيدًا عن السواحل الأوكرانية.
كما فقدت روسيا السيطرة على استخدام قواعدها في شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014.
ومع ذلك، ظلت الأساطيل الروسية الأخرى في بحر البلطيق وبحر قزوين بمنأى عن الاستهداف الكبير، رغم محاولات أوكرانيا المتفرقة لشن هجمات تخريبية.
تعزيز القدرات الصاروخية
شهدت الحرب تطورًا ملحوظًا في استخدام التقنيات العسكرية الروسية، خاصة في مجال الصواريخ.
منذ بداية الحرب، كشفت روسيا عن أسلحة “الجيل الجديد”، مثل صاروخ “كينجال” (الخنجر) فرط الصوتي الذي استُخدم للمرة الأولى في هجوم على مستودع أسلحة غربي أوكرانيا.
وفي 2024، أطلقت روسيا صواريخ أخرى من طراز “تسيركون” و”أورشنك”، والتي تتميز بسرعات تفوق سرعة الصوت بعشرة أضعاف، مع خصائص مناورة متقدمة.
وفي أواخر ديسمبر 2024، أعلنت روسيا عن إدخال منظومة الدفاع الجوي “إس-500” إلى الخدمة، لتحل محل منظومة “إس-400”.
ورغم الشكوك الغربية حول جودة هذه المعدات، إلا أن موسكو تستمر في تطوير منظوماتها الدفاعية.
الدبابات والعربات المدرعة
تكبدت روسيا خسائر فادحة في الدبابات والعربات المدرعة منذ الأشهر الأولى للحرب.
ووفقًا لمعهد الدراسات الاستراتيجية البريطاني، فقدت روسيا أكثر من 3,000 دبابة بحلول فبراير 2024، وهو رقم يتجاوز مخزونها عند بدء الحرب.
لتغطية هذا النقص، اعتمدت موسكو على مخزونها من المركبات السوفيتية القديمة، بل واستخدمت معدات تم سحبها من المتاحف، إلى جانب مركبات مدنية معدلة.
وفي تطور لافت، أعلنت روسيا عن تعزيز إنتاجها للدبابات الجديدة مثل “تي-14 أرماتا”، التي وُصفت بأنها “ثورية”، لكنها قوبلت بانتقادات لضعف جودتها وصعوبة اعتماد القوات الروسية عليها.
ثورة الحرب الحديثة
كان للطائرات بدون طيار دور محوري في الحرب، حيث شهد الجانبان الروسي والأوكراني تقدمًا كبيرًا في تطوير هذه التقنية.
روسيا اعتمدت بشكل كبير على طائرات “شاهد” الإيرانية التصميم، إلى جانب طائرات عسكرية مثل “أورلان” و”لانست”.
مع ذلك، تزايد الاعتماد على الطائرات التجارية المعدلة والطائرات الرخيصة التي يمكن إنتاجها بسرعة لتغطية احتياجات الحرب.
بحلول 2025، أعلنت روسيا عن خطط لإنشاء فرع مخصص للطائرات بدون طيار ضمن قواتها المسلحة، في خطوة تعكس أهمية هذه التقنية في النزاعات المستقبلية.
الطائرات الحربية ومحدودية الدور
تمتلك روسيا ترسانة واسعة من الطائرات الحربية، لكنها خسرت حوالي 369 طائرة و329 مروحية، وفقًا للتقديرات الأوكرانية.
ومع ذلك، حرصت موسكو على إبقاء طائراتها المتقدمة من طراز “سو-57” بعيدة عن المواجهات المباشرة لتجنب تعرضها للخطر.
التكتيكات الجديدة وإعادة الهيكلة
مع استمرار الحرب، تطورت التكتيكات الروسية بشكل ملحوظ، واعتمدت موسكو على تكتيكات المشاة المكثفة، إلى جانب دعم جوي وصاروخي هائل.
ورغم بداياتها “السوفيتية” في تكتيكات القتال، إلا أن روسيا نجحت في تحسين قدراتها الإلكترونية والجوية بفضل التجارب المكتسبة من الميدان.
أطلقت موسكو حملات تعبئة لتعويض النقص البشري، بما في ذلك استدعاء الاحتياط وتجنيد المرتزقة والسجناء، كما استعانت بمقاتلين أجانب، بينهم آلاف الجنود من كوريا الشمالية.