كتب- محمد النجار:
ماذا حدث؟
في تطور مثير للقلق، قامت قوات هيئة تحرير الشام (HTS) المدعومة من المعارضة السورية بمداهمة قرى و أحياء في محافظة حمص، مما أدى إلى مقتل عدة أشخاص واعتقال عشرات الشباب بتهمة الولاء للنظام السوري السابق.
وفقًا لشهود عيان، استهدفت القوات قرية الفكاني بالقرب من مدينة حمص، وفيها قُتل شابان هما ابنا رجل مطلوب للهيئة.
كما شهدت أحياء النزهة والزهرة في مدينة حمص مداهمات واسعة، تم خلالها اعتقال عشرات الأشخاص، معظمهم من الشباب، بتهمة العمل كأدوات للنظام السابق.
لماذا هذا مهم؟
هذه العمليات تأتي في إطار حملة أوسع تقودها هيئة تحرير الشام، التي سيطرت على معظم الأراضي السورية بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
الهيئة، التي كانت تُعتبر فرعًا من تنظيم القاعدة، تسعى إلى تعزيز سيطرتها من خلال استهداف الموالين للنظام السابق، خاصة في المناطق ذات الأغلبية العلوية، التي شكلت العمود الفقري للنظام الأسدي.
هذه الإجراءات تثير مخاوف من تصاعد العنف الطائفي، خاصة مع تاريخ سوريا الطويل من الصراعات الداخلية.
من ناحية أخرى، تُعد هذه التطورات جزءًا من تحولات جيوسياسية أوسع في المنطقة، فقد أدى سقوط نظام الأسد إلى انسحاب إيران وحليفتها حزب الله من سوريا، مما أثر على التوازنات السياسية والدينية في المنطقة.
ومع ذلك، لا تزال قوات أمريكية وتركية وروسية موجودة في سوريا، تدعم أطرافًا مختلفة في الصراع المستمر منذ عام 2011.
ماذا بعد؟
في ظل هذه التطورات، يتزايد القلق الدولي من احتمال اندلاع حرب أهلية جديدة في سوريا، فقد حثت القوى الغربية، بما في ذلك ألمانيا والولايات المتحدة، قيادة هيئة تحرير الشام على تجنب إراقة الدماء وارتكاب أعمال انتقامية ضد فئات معينة من السكان.
أنالينا بيربوك، وزيرة الخارجية الألمانية، التي التقت زعيم الهيئة أحمد الشرع في دمشق، أكدت على ضرورة تجنب إخضاع النظامين القضائي والتعليمي للعقائد الدينية.
من جهتها، تسعى هيئة تحرير الشام إلى كسب الدعم الخارجي لإعادة إعمار سوريا، فقد التقى وزير الخارجية في الإدارة الجديدة، أسعد الشيباني، مع رئيس وزراء قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الدوحة، حيث أعربت قطر عن دعمها لوحدة سوريا وبناء دولة القانون والمؤسسات.
ختامًا، بينما تُشير هذه التطورات إلى إمكانية تحقيق تغيير جذري في سوريا بعد عقود من حكم الأسد، فإن المخاوف من استبدال ديكتاتورية بأخرى تظل قائمة.
سوريا، التي تقع في مفترق طرق الصراعات الإقليمية، تواجه مستقبلًا غامضًا يتطلب جهودًا دولية لضمان استقرارها وعدم انزلاقها إلى حرب أهلية جديدة.