كتب- محمد النجار:
في 29 ديسمبر 2024، غادر الحياة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عن عمر يناهز 100 عام، ليترك خلفه إرثًا فريدًا يميز حياته كرئيس وكإنسان.
كارتر، الذي شغل منصب الرئيس الـ39 للولايات المتحدة بين عامي 1977 و1981، أثبت أنه أكثر من مجرد سياسي؛ بل كان رجلًا يؤمن بقيم السلام وحقوق الإنسان والحب غير الأناني.
ابنه تشيب عبّر عن ذلك في بيان باسم العائلة قائلًا: “كان والدي بطلًا ليس لي فقط، بل لكل من يؤمن بالسلام وحقوق الإنسان والحب غير الأناني.. شاركناه مع العالم بهذه القيم المشتركة، ونشكر كل من يكرّم ذكراه عبر الاستمرار في تبني هذه القيم”.
إرث إنساني يتجاوز الحدود
رغم أن كارتر خدم لفترة رئاسية واحدة، إلا أن حياته بعد الرئاسة كانت بمثابة شهادة على قوة الالتزام بالإنسانية.
عمل كارتر مع منظمة “هابتيت فور هيومانيتي” لتوفير مساكن للفقراء، وأطلق مع زوجته روزالين مشروع “كارتر وورك بروجيكت”، الذي ساهم في تحسين حياة آلاف الأسر حول العالم.
استمر نشاطه الإنساني حتى تسعينيات عمره، ليقدم درسًا في كيفية تحويل سنوات ما بعد الرئاسة إلى فرصة لترك بصمة إيجابية.
أرقام قياسية في الحياة والموت
حقق كارتر رقمًا قياسيًا بكونه أطول الرؤساء الأمريكيين عمرًا بعد مغادرته البيت الأبيض، حيث عاش 42 عامًا بعد انتهاء ولايته، متجاوزًا أرقامًا قياسية سابقة.
جون آدامز، ثاني رؤساء الولايات المتحدة، كان أول من حطم هذا الرقم، حيث عاش 25 عامًا بعد مغادرته الرئاسة وتوفي عن عمر 90 عامًا في عام 1826، وهو رقم استثنائي في عصر كان متوسط العمر فيه 40 عامًا فقط.
أما الرئيس هربرت هوفر، فقد عاش 32 عامًا بعد خروجه من الرئاسة وتوفي عن عمر 90 عامًا أيضًا، بينما اقترب جيرالد فورد وجورج بوش الأب من هذا الرقم، حيث عاشا 30 و26 عامًا على التوالي بعد انتهاء ولايتيهما.
لكن الرقم الذي حققه كارتر بتجاوزه سن الـ100 ومدة حياته بعد الرئاسة يظل استثنائيًا.
حياة طويلة وأحداث ملهمة
حياة كارتر الطويلة لم تكن خالية من التحديات الصحية، في عام 2015، أعلن كارتر أنه يعاني من سرطان انتشر من الكبد إلى الدماغ، لكنه بفضل العلاجات الحديثة والتدخل الطبي المتقدم، تماثل للشفاء ليكمل حياته بنشاط.
وفقًا للدكتورة هيذر بوغر، مديرة التوعية في جامعة ساوث كارولاينا الطبية، فإن وصول كارتر إلى هذه المرحلة من العمر أمر مذهل، مشيرة إلى أن شخصيات من جيله، مثل الممثلة بيتي وايت، عاشت أيضًا لقرابة 100 عام.
وأكدت بوغر أن إنجازات كارتر بعد خروجه من الرئاسة تظل مصدر إلهام بغض النظر عن الانتماءات السياسية.
إنجازات تتجاوز السياسة
رغم الإنجازات السياسية التي قد يتذكرها البعض، أكد كارتر في مقابلة عام 2015 أن أعظم إنجاز في حياته لم يكن منصبًا سياسيًا ولا مشروعًا إنسانيًا.
قال ببساطة: “أفضل شيء قمت به هو الزواج من روزالين”. هذا الزواج، الذي استمر لأكثر من 77 عامًا، جعلهما أطول زوجين في تاريخ الرئاسة الأمريكية.
روزالين كانت شريكته في العمل الإنساني، وسنده في مواجهة التحديات، فمعًا قدما نموذجًا فريدًا للعلاقات الزوجية التي تتجاوز حدود الحياة الخاصة لتشمل تأثيرًا واسعًا على المجتمع.
