كتب- محمد النجار:
منذ سبتمبر 2022، تحولت الموسيقى إلى صوتٍ مميز في موجة الاحتجاجات التي اجتاحت إيران، بعدما ألقت وفاة مهسا أميني الشرارة الأولى لانتفاضة شعبية ضد النظام الإيراني.
برزت أغنية “باراي” للمغني شرفين حاجي بور كرمز للمطالبة بالحرية والكرامة، ليصبح لحنها وسيلة تعبير قوية عن ثورة الشباب الإيراني.
كلمات الأغنية التي استُلهمت من تغريدات المتظاهرين تحولت إلى نشيد شعبي، ولقيت صدىً عالميًا، حتى فازت بجائزة في حفل جوائز جرامي، مما جعلها رمزًا من رموز الاحتجاجات.
تاريخ الموسيقى في إيران
منذ قيام الثورة الإسلامية في 1979، شهد الموسيقى توترًا وصراعًا مستمرًا مع السلطات، فقد فرضت الحكومة قيودًا صارمة على كافة أشكال الفن والموسيقى، مصنفة إياها على أنها “محرمة” و”مغرية”.
وعلى الرغم من هذا القمع، تمكن الموسيقيون من اختراق جدار الرقابة الصارم، فواصلوا التعبير عن آلامهم وآمالهم عبر أغاني مشفرة تحمل رسائل سياسية، سواء من داخل إيران أو في المنفى.
أداة احتجاج
في الوقت الراهن، أصبحت الموسيقى أداة احتجاج قوية لا يمكن تجاهلها، إذ يرفع الفنانون أصواتهم متحدين الرقابة الحكومية والمخاطر الجسيمة التي تهددهم، مثل الاعتقال والتعذيب.
رغم هذه المخاوف، يواصل الفنانون نشر رسائلهم من خلال أغانيهم، داعين إلى التغيير ورفع الظلم.
أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو مغني الراب توماج صالحي، الذي حكم عليه بالإعدام بسبب أغنياته التي تعارض النظام القمعي، لكن تم إلغاء الحكم بفرض الضغوطات.
فيما تستمر الاحتجاجات على الأراضي الإيرانية، تبقى الموسيقى بمثابة الوقود الذي يغذي روح المقاومة، وتدفع المواطنين إلى الاستمرار في نضالهم ضد السلطات القامعة.
ضغوط وقيود
البيت الموسيقي الإيراني، في بيانٍ له، أدان الضغوط المستمرة والقيود المفروضة على الفنانين، مؤكدًا على ضرورة إلغاء الإجراءات التعسفية التي تقيد حرية التعبير الفني.
انتقد البيان إلغاء الحفلات الموسيقية في أصفهان، ومنع نشاطات النساء، فضلاً عن اعتقال العديد من الفنانين، مثل خشايار سفيدي، الذي كان قد اعترض على حكم الإعدام بحق توماج صالحي.
كان سفيدي قد فُصل من دراسته في جامعة الفنون بطهران وحكم عليه بالسجن لمدة عام، وهو الآن يقضي محكوميته في سجن إيفين.
اعتقال برستو أحمدي
في 11 ديسمبر، قدَّمت المغنية برستو أحمدي حفلًا موسيقيًا عبر الإنترنت، حيث ظهرت دون الحجاب الإلزامي، مما أثار ردود فعل حادة من السلطات الإيرانية.
وفي اليوم التالي، أُعلن عن تشكيل ملف قضائي ضدها، وفي 14 ديسمبر، تم اعتقالها مع اثنين من عازفي الحفل، لكنهم أُطلق سراحهم بعد عدة ساعات.
من جانبه، أدان بيت الموسيقى الإيراني التصرفات التعسفية للسلطات، معبرًا عن استيائه من التناقضات في السياسات الثقافية الإيرانية، مشيرًا إلى أن الحصول على تصاريح رسمية أصبح عملية مرهقة وغير مجدية، وتؤدي إلى مضايقات لا لزوم لها.